ذلك ، بل يكفي بقاؤها في النفس شأنا ، بحيث مهما عرضها الالتفات التفصيلي وجدتها باقية غير مرتدعة عنها ، فلا ينافيه عروض الغفلة والنوم ، بل ربما كان من مقتضياته ، كما أوضحناه في ما سبق ، ونبّهنا في ما تقدّم.
على أنّه ليس للنيّة زمان شرعي ؛ كي نتكلّم في وقتها ، بل على تحقّقها قبل الفعل واستمرار حكمها إلى أن يتحقّق الفراغ من الفعل ، كما حقّقناه في نيّة الوضوء (١) ، خلافا لظاهر كلمات أكثر القدماء ، بل المشهور إن لم يكن مجمعا عليه في ما بينهم ، حيث إنّهم اعتبروا في سائر العبادات كونها صادرة عن نيّة تفصيليّة مقارنة لأوّل أجزائها عدا الصوم ، فلم يعتبروا فيه هذا الشرط ، لكونه بالنسبة إلى الصوم مخالفا للضرورة ، فضلا عن منافاته لقاعدة نفي الحرج ، فانّ تحصيل المقارنة غالبا إمّا متعذّر أو متعسّر ، فأجازوا تبييتها في أيّ جزء من الليل مستمرّا على حكمها من باب التوسعة والتسهيل على ما تقتضيه القاعدة في باب العبادات من اشتراط المقارنة.
وحكي (٢) عن بعض العامة تخصيصها بالنصف الأخير ، فكأنّ محطّ نظره : كون جواز التقديم لمكان الحرج والضرورة ، وهي تقدّر بقدرها.
وهو بناء على كون الحكم مخالفا للأصل لا يخلو عن وجه لولا قضاء ضرورة الشرع بجواز النوم من أوّل الليل إلى طلوع فجر اليوم الذي وجب صومه من رمضان أو غيره.
وكيف كان ، فالحقّ ما عرفت من أنّه ليس للنيّة في شيء من
__________________
(١) كتاب الطهارة : ٩٨ ـ ٩٩ الطبعة الحجرية.
(٢) حكاه العاملي في مدارك الأحكام ٦ : ٢٥ ، وراجع : المجموع ٦ : ٢٩٠ ـ ٢٩١.