العبادات ، فضلا عن الصوم محلّ شرعيّ تعبّدي ، بل محلّها عقلا قبل الفعل بشرط تأثيرها في وقوعه منويّا. فعلى هذا يجوز تقديمها على الليل أيضا بعد فرض استمرار حكمها إلى زمان حصول الفعل ، ولكن استمرار حكمها من اليوم السابق إلى الغد لا ينفكّ غالبا عن عروض التفات تفصيلي في الليل ، فتصير حينئذ إرادة فعليّة ؛ لأنّه من لوازم بقائها شأنا ، كما تقدّمت الإشارة إليه.
ولأجل ذلك اعتبرنا ـ تبعا للمشهور ـ تبييتها ، أي : إيقاعها في الليل ، وإلّا فليس للّيل من حيث هو خصوصيّة في ذلك ، فلو فرض أنّه عزم من هذا اليوم الذي هو آخر شعبان ـ مثلا ـ أن يصوم الغد الذي هو أول رمضان ، ونام على هذا العزم ، ولم ينتبه إلى الغد ، أو انتبه ولم يلتفت تفصيلا إلى أنّ الغد من رمضان حتى يتجدّد عزمه ، ولكن كان بحيث لو سأله سائل عمّا عليه عزمه في صوم الغد ؛ لأخبره بذلك ، كما هو من لوازم استدامتها حكما ، صحّ صومه بلا إشكال ، كما سيأتي التصريح به في كلام غير واحد في مسألة من نوى صوم رمضان قبل حضوره.
نعم ، مقتضى القاعدة : عدم جواز تأخير النيّة عن الجزء الأوّل ، وإلّا لوقع بعضه بلا نيّة ، وهو ينافي كونه عبادة.
لا يقال : إنّ كونه عبادة لا يقتضي إلّا اختيار فعل المأمور به بقصد إطاعة أمره ، وحيث إنّ المأمور به في المقام هو ترك المفطرات في اليوم صدق عند كونه في الجزء الآخر من اليوم اختياريّا بهذا العنوان أنّه أمسك عن الأكل والشرب وسائر المفطرات في هذا اليوم بقصد إطاعة أمره.
لأنّا نقول : العبرة في صحّة العبادات التي اعتبر فيها قصد الإطاعة