هذا إذا بنينا على اشتراط القبض ، وأمّا لو قلنا بعدم اشتراط القبض ، فيشكل الحكم بعدم الصحّة وإن تكلّف لتصحيحه بعض متأخّري المتأخّرين.
اللهم إلّا أن يتمسّك بالإجماع إن تحقّق ، أو يلتزم بأنّ كونه عينا خارجية مأخوذ في مفهومه عرفا ، وليس بالبعيد.
وقد يناقش في ما ذكرنا من عدم إمكان القبض في الدين :
أمّا أوّلا : فبالنقض ببيع الدين في الصرف وهبة ما في الذمم.
وثانيا : بأنّ الدّين كلّي ، وقبضه يتحقّق بقبض أفراده.
ويمكن دفع الأوّل منهما : بإبداء الفارق بين المثالين وما نحن فيه ، بأن يقال : إنّ المستفاد من أدلّة اعتبار القبض في المجلس : أنّ المناط فيه انقضاء الأمر في المجلس ، ووصول حقّ كلّ ذي حقّ إلى صاحبه حتى لا يبقى لأحدهما على الآخر كلام بعد انقضاء المجلس ، وهذا المعنى بالنسبة إلى الدين محقّق ، فلا حاجة إلى شيء آخر.
وبتقرير أوفي : أنّ القبض الذي كان معتبرا في جميع أبواب البيع الذي هو عبارة عن وصول كلّ من العوضين إلى الآخر بمقتضى عقد البيع قد اعتبره الشارع في خصوص الصرف كونه في المجلس لحكم ومصالح ، مثل كونه غالبا في معرض التشاجر وغير ذلك من المصالح الخفية ، ومن المعلوم أنّ القبض بمعناه الحقيقي لا يعقل تحقّقه في الدين ، فالحكم بصحته في المثال لا بدّ من أن يستند إلى دليل يقتضي تعميم القبض بحيث يعمّ الفرض ، وهو في ما نحن فيه مفقود ، فيحمل اللفظ على معناه الحقيقي وهو الحسّي الخارجي.
وأمّا هبة ما في الذمم على من عليه فهو إبراء في الحقيقة ، ولا يعقل اعتبار القبض فيه.