الشكّ ـ صحّ صومه بلا إشكال.
والأخبار المتقدّمة الدالّة على بطلان الصوم بنيّة أنّه من شهر رمضان لا تنهض صارفة لهذه الأخبار عن ظاهرها بالحمل على إرادة صومه بنيّة أنّه من شعبان ؛ لما أشرنا إليه آنفا من أنّ المتبادر من تلك الأخبار :نفي شرعية الإتيان به بقصد الوجوب على أنّه من صوم رمضان ، فلا ينافي ذلك جواز الإتيان به من باب الاحتياط قاصدا به امتثال الطلب الندبي المتأكّد المتعلّق به في هذه الأخبار.
وما في تلك الأخبار من الأمر بأن يصومه على أنّه من شعبان لم يقصد به إثبات اعتبار شرط تعبّدي في صحّة صومه ، وهو إيقاعه بهذا العنوان وإن لم يكن داعيه في الواقع إلّا الاحتياط في صوم رمضان ، كما هو مورد الخبرين الأخيرين اللذين ورد فيهما الأمر بالإفطار مع الصحو ، والصوم مع الغيم ، بل المقصود به بيان وجه عمله الذي يقع عليه فعله في مرحلة الظاهر بحيث لا يتحقّق معه قصد التشريع.
ولذا صرّح غير واحد بأنّه لو نوى القضاء أو النذر ونحوه ، كان كما لو نوى به صوم شعبان مجزيا عن صوم رمضان (إذا انكشف أنّه منه) فليس قصد كونه من شعبان من الخصوصيات المعتبرة في صحّة صوم هذا اليوم ، وإنّما المعتبر فيه الإتيان به على وجه سائغ غير منهي عنه ، كما يكشف عن ذلك : قوله عليهالسلام في خبر الزهري المتقدّم (١) ، بعد أن سئل عن أنّه كيف يجزي صوم تطوّع عن فريضة؟ :لو أنّ رجلا صام يوما من شهر رمضان تطوّعا وهو لا يعلم أنّه من شهر رمضان ثمّ علم بذلك لأجزأ عنه. لأنّ الفرض إنّما وقع على اليوم بعينه
__________________
(١) تقدّم في صفحة ٣٣٧.