لكن يرد على السيّد المحقّق بعد أن يكون العنوان عدميّاً : بأنّ الأمر العدمي لا يتصوّر فيه المصلحة الموجبة للرّجحان ، لأن المصالح امور وجوديّة والأمر الوجودي لا يقوم بالعدم والعدمي ، فالعنوان الأرجح إذا كان عدميّاً فإنه لا يكون ذا مصلحة ، ومن هنا تكون مطلوبيته بالعرض ، من جهة الحزازة في الوجود ، وإذا كان الوجود مبغوضاً كان تركه محبوباً بالمحبوبيّة العرضية ، ولذا لا يكون ترك صوم عاشوراء مستحبّاً بل الفعل ذو حزازة ، فيكون تركه محبوباً ، وعلى هذا ، فلا مناص من القول بوجود حزازة في نفس الصّوم ، وحينئذٍ ، لا يجتمع مع الرجحان والاستحباب. هذا أوّلاً.
وثانياً : إذا كان الفعل مستحبّاً والترك كذلك والترك أرجح ، فما هو الموجب لكراهة الفعل؟ إنه لا موجب له إلاّ أرجحيّة الترك ، وهذا موقوفٌ على أنْ يكون الأمر بالشيء مستلزماً للنهي عن ضدّه العام ، لكنّ هذا المبنى باطل.
وثالثاً : إنه لا مناسبة بين هذا الوجه وروايات المسألة ، فمقام الإثبات غير مساعدٍ له ، لأن النصوص واضحة الدلالة في مبغوضيّة هذا الصوم وكونه مبعّداً عن الله وموجباً لاستحقاق النار ، فكيف يصح الإتيان به عبادةً؟
ثم جاء في (الدرر) : الثاني أن يقال : إن فعل الصّوم راجح وتركه مرجوح ، وأرجح منه تحقق عنوانٍ آخر لا يمكن أن يجتمع مع الصوم ويلازم عدمه ، ولمّا كان الشارع عالماً بتلازم ذلك العنوان الأرجح مع عدم الصّوم ، نهى عن الصّوم للوصلة إلى ذلك العنوان ، فالنهي عن هذا ليس إلاّ للإرشاد ولا يكون للكراهة ، إذ مجرّد كون الضدّ أرجح لا يوجب تعلّق النهي بضدّه الآخر ، بناءً على عدم كون ترك الضدّ مقدّمة كما هو التحقيق. ولعلّ السرّ في الاكتفاء بالنهي عن الصّوم بدلاً