صحيح بل الصحيح إنه حكم غير مذكور.
فهذا ما اقتضى ذكره ، ولا نتعرّض لكلمات المحقّقين ، ومن شاء الاطّلاع عليها فليراجع.
إنه قد ظهر ممّا تقدّم أنّ المفهوم مدلولٌ للّفظ لكنْ بالدلالة الالتزامية باللّزوم البيّن بالمعنى الأخص ، فما هو حكم دلالة التنبيه والإشارة والاقتضاء؟
وبيان ذلك هو : إن المدلول تارةً مقصود للمتكلّم واخرى غير مقصود ، والأوّل تارةً : يكون الصّدق أو الصحة العقلية أو الشرعيّة متوقفاً عليه ـ أي على المدلول ـ واخرى : هو غير متوقّف عليه. فإن لم يكن المدلول مقصوداً للمتكلّم سمّيت الدلالة ب «دلالة الإشارة» ومن ذلك : دلالة الآيتين على أقلّ الحمل على ما تقدّم ، وهذه الدلالة موجودة وإنْ لم تكن مقصودةً.
وإن كان مقصوداً ، فقد يكون صدق الكلام موقوفاً عليه عقلاً ، كما في دلالة حديث الرفع ، حيث توقّف صدقه على أنْ يكون المرفوع هو «المؤاخذة». وقد يكون صحّته عقلاً موقوفةً عليه كما في (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) (١) فلولا تقدير كلمة «الأهل» لم يصح الكلام عقلاً ، وقد يكون صحّته شرعاً موقوفةً عليه كما في قولك : أعتق عبدك عنّي ، فإن صحّته تتوقف على أن يملّكك العبد ثم يعتقه وكالةً عنك ، إذ لا عتق شرعاً إلا في ملك. وتسمى هذه الأقسام الثلاثة ب «دلالة الاقتضاء».
وإنْ كان مقصوداً ولكن لا دلالة للصحّة أو الصّدق عليه أصلاً ، فهي «دلالة الإيماء والتنبيه» كما في الحديث : أنه قال رجل لرسول الله : «هلكت وأهلكت يا
__________________
(١) سورة يوسف : الآية ٨٢.