ويبقى النظر في كلامٍ للسيد البروجردي (١) ، فقد أشكل بأنّ المفهوم أمرٌ تبعي للمنطوق ، فلا يعقل انعقاد الإطلاق في المفهوم حتى يقيّد بمنطوق الدليل الآخر.
فأورد عليه الأُستاذ ـ في الدورتين ـ بأنّه خلطٌ بين التبعية في الوجود والتبعية في اللّحاظ ، فإنّ التبعية في الوجود تجتمع مع الاستقلال في اللّحاظ ، وحال المفهوم بالنسبة إلى المنطوق من هذا القبيل ، بخلاف مثل المعنى الحرفي بالنسبة إلى الاسمي ، فإنّه تابع له في اللّحاظ ، وعلى هذا ، فإنّ المفهوم قضيّة كالمنطوق ، لها موضوع ومحمول ، والموضوع لا يكون مهملاً بالنسبة إلى محموله ، فهو إمّا مطلق وامّا مقيد.
إذا تعدّد الشرط واتّحد الجزاء وعلمنا بدليلٍ خارجي أو من نفس ظهور القضيّتين ، أن كلّ واحدٍ من الشروط مستقلّ في ترتّب الجزاء عليه ، فهل مقتضى القاعدة تداخل الشرطين أو الشروط في تأثير أثرٍ واحد أو لا؟
مثلاً : إذا اجتمع سببان أو أكثر للغُسل كمسّ الميّت والحيض والجنابة ، فهل تقتضي كلّها غُسلاً واحداً أو أن كلاًّ منها يقتضي غسلاً فيتعدّد؟ وعلى تقدير الاقتضاء للتعدّد ، فهل مقتضى القاعدة هو التداخل بأنْ يكفي الغُسل الواحد أو لا؟
هذا ، ولا يخفى أن هذا البحث يطرح ، سواء على القول بالتضادّ بين الأحكام بأنفسها فلا يجتمع الحكمان في مورد ، أو القول بأنها اعتبارات ولا مانع من اجتماع الاعتبارين في موردٍ. أمّا على الأوّل فواضح ، فإنّه يلزم اجتماع المثلين
__________________
(١) نهاية الاصول : ٢٧٤.