مسألة الاجتماع ، فإنّه بحث علمي لا واقعي ، ولذا لو صلّى في المكان المغصوب عن جهلٍ كانت صلاته صحيحةً على المشهور ، وحينئذٍ ، لا يعقل أن يكون البحث هناك عن صغرى هذه المسألة.
وجه عدم الورود هو : أنه إن قلنا بجواز الاجتماع ، فلا موضوع للنهي عن العبادة كما هو واضح ، وإنْ قلنا بالامتناع أي كون متعلّق الأمر والنهي شيئاً واحداً ، فإنّ وحدة المتعلّق أمر واقعي لا دخل للعلم والجهل به ، فإنْ سقط لم يبق الموضوع لمسألة النهي عن العبادة ، إنْ سقط وكذلك الأمر والنهي كلاهما ، وإنْ سقط الأمر وبقي النهي فلا شك في اقتضائه للفساد ... فما ذكره الميرزا سالم من الإشكال. وإنْ توجّه الإشكال على المشهور القائلين بالصحّة في صورة الجهل بالغصبية مع قولهم بالامتناع ، وذاك أمر آخر.
ذهب المحقق القمي (١) إلى أنه يعتبر في هذا البحث وجود المقتضي لصحّة العبادة من عموم دليلٍ أو إطلاق حتى يصحّ ورود النهي عن عبادةٍ خاصّة ، كالنهي عن الصلاة في موضع التهمة مثلاً ، فلو لم يكن المقتضي للصحّة كانت العبادة باطلةً سواء ورد النهي أو لا ، فلا ثمرة للبحث.
وفيه : إنه لا ريب في توقيفيّة العبادات ، وكلّما شك في عباديّته فالأصل العدم ، إلاّ أنّه بحثٌ مستقل لا ربط له بمسألتنا في أنّ النهي عن شيء هل يجتمع مع القول بصحّة ذلك الشيء أو لا ، لأنّ البحث عن وجود الملازمة بين النهي والفساد غير متفرّع على وجود مقتضي الصحّة للعمل من عموم أو إطلاقٍ ، وترتّب الثمرة على بحثنا واضح جدّاً. فما ذكره لا يمكن المساعدة عليه.
__________________
(١) قوانين الاصول ١ / ١٥٤.