ثم قال في (الكفاية) :
وذهاب البعض إلى الجواز عقلاً والامتناع عرفاً ، ليس بمعنى دلالة اللّفظ ، بل بدعوى أن الواحد بالنظر الدقيق العقلي اثنين وأنه بالنظر المسامحي العرفي واحد ذو وجهين ، وإلاّ فلا يبقى معنى للامتناع العرفي.
قال في الكفاية (١) : إن ملاك النزاع في الاجتماع والامتناع يعمّ جميع أقسام الإيجاب والتحريم ، كما هو قضية إطلاق لفظ الأمر والنهي ، ودعوى الانصراف إلى النفسيين التعيينيين العينيين في مادّتها غير خالية عن الاعتساف ، وإنْ سلّم في صيغتهما مع أنه فيهما ممنوع.
وعلى الجملة ، فإن هذا البحث يعمّ الأمر والنهي النفسيين والغيريين والتعيينيين والتخييريين والعينيين ... لعموم الملاك.
وقد قصد رحمهالله الردّ على الشيخ القائل بعدم وجود ملاك البحث فيما لو كان الوجوب والحرمة تخييريين ، لأن محذور البحث هو لزوم الجمع بين الضدّين ، وهو غير لازم فيما لو أمره بنكاح احدى الاختين ونهاه عن الاخرى ، لعدم اجتماع الحكمين في موردٍ واحد ... فقال صاحب (الكفاية) : إنه لو أمر بالصّلاة والصوم تخييراً بينهما ونهى عن التصرف في الدّار والمجالسة مع الأغيار ، فصلّى في الدار مع مجالستهم ، كان حال الصّلاة فيها حالها كما إذا أمر بها تعييناً ونهى عن التصرف فيها تعييناً في جريان النزاع ، لوضوح أن النسبة بين أحد عدلي الحرام التخييري مع أحد عدلي الواجب التخييري هي العموم من وجه ، لأنّ الصّلاة ممكنة في الدار وغيرها ، والجلوس في الدار يمكن في حال الصّلاة وحال
__________________
(١) كفاية الاصول : ١٥٢.