وقد استدلّ للمشهور بوجوه :
الأوّل : أنا إذا حملنا المطلق على المقيَّد فقد عملنا بكلا الدليلين ، وهو واجب كما لا يخفى لأن كلاًّ منهما دليل.
وفيه : إنْ كان المراد من العمل بالدليلين هو الامتثال لهما ، بمعنى أنّ بالإتيان بالرقبة المؤمنة جمعٌ في الامتثال ، فهذا غير الجمع بين الدليلين الرافع للتعارض بينهما لا بالتبرّع بل بشاهدٍ. وإنْ كان المراد أنّ الإتيان بالرقبة المؤمنة هو مقتضى الجمع الدلالي بين الدليلين ، فهو أوّل الكلام ، لأن القائلين بالقول الثاني يقولون بالجمع الدلالي بينهما بالحمل على أفضلية عتق المؤمنة من غير المؤمنة مع سقوط التكليف بكلٍّ منهما.
والثاني : ما ذكره صاحب (الكفاية) (١) ، من أنّ المفروض كون الإطلاق بدلياً ، ومعنى ذلك لا بشرطيّة الرقبة بالنسبة إلى الإيمان والكفر ، فيكون المكلّف في مقام الامتثال مخيَّراً عقلاً بين أن يأتي بالمؤمنة أو الكافرة ، ولكنّه قال بعد ذلك : أعتق رقبةً مؤمنةً ، وهذا أمر ظاهر في الوجوب التعييني ، وبما أنه أقوى من ظهور المطلق في الإطلاق ، فإنّه يتقدّم ويحمل عليه المطلق لا محالة.
وقد أشكل عليه الإيرواني (٢) :
بأنّ من مقدّمات الإطلاق إحراز كون المتكلّم في مقام البيان ، فإنْ احرز ذلك في أحدهما بالوجدان وفي الآخر بالأصل ، فلا ريب في عدم التعارض بل
__________________
(١) كفاية الاصول : ٢٥٠.
(٢) نهاية النهاية : ٣١٦.