إن المفاهيم مداليل الجمل التركيبيّة ، والبحث هو في أصل ثبوت وعدم ثبوته لا في حجيته وعدم حجيّته ، فهو في الواقع بحث عن أنه هل للجملة الشرطيّة ـ مثلاً ـ مدلول التزامي أو لا؟ فإنْ كان فلا كلام في حجيته ، فيكون البحث ناظراً إلى صغرى أصالة الظهور لا كبرى الظواهر ، فهو نظير البحث عن ظهور صيغة الأمر ـ مثلاً ـ في الوجوب وعدم ظهوره فيه. وعلى هذا ، يكون البحث عن المفاهيم بحثاً عن الأدلة لا الأصول ، ومن الأدلة اللفظية لا العقليّة.
ثم إنهم قد عرّفوا «المفهوم» بتعاريف وأشكلوا عليها طرداً وعكساً ، واعتذر صاحب (الكفاية) ـ كما هو دأبه في نظائره ـ بأنها تعاريف لفظيّة وليست حقيقيّة ، فلا وجه للإشكال والقيل والقال ...
وكان التعريف المشهور بين القدماء : أن المفهوم ما دلَّ عليه اللّفظ لا في محلّ النطق ، في مقابل المنطوق وهو : ما دلّ عليه اللّفظ في محلّ النطق ... ويفيد هذا التعريف أنّ المفهوم ـ كالمنطوق ـ من المداليل اللّفظية. ثم فسّروا ذلك بقولهم : إن الحكم في طرف المفهوم لغير المذكور ، وفي طرف المنطوق مذكور ... لكنّ ظاهر تعريف القدماء كونه أعم من مفهوم اللفظ الإفرادي والمفاهيم