والأشاعرة المنكرون لذلك ، فجعل النزاع في المقام مبتنياً على كون المجمع واجداً لملاك الأمر والنهي في غير محلّه.
هذا أوّلاً (١).
وثانياً : إن ما ذكره من أن مورد التعارض هو أن يكون لأحد الحكمين ملاك دون الآخر ، غير صحيح ، لأنّ الأشاعرة المنكرين لتبعيّة الأحكام للملاكات قائلون بالتعارض بين الدليلين ، لأنّ حقيقته امتناع ثبوتهما في مقام الجعل وأن ثبوت كلّ منهما فيه ينفي الآخر ويكذّبه ، وحقيقة التزاحم كون المحذور في مقام الامتثال ، والحاصل : إنه إن كان المحذور في مقام الجعل فهو التعارض وإن كان في مقام الامتثال فهو التزاحم ، على مسلك العدلية والأشاعرة معاً.
وثالثاً : قوله بأنّه لو كان كلٌّ من الدليلين متكفّلاً للحكم الفعلي لوقع التعارض بينهما ، فعندئذٍ لا بدّ من الرجوع إلى مرجّحات باب المعارضة ، إلاّ إذا جمع بينهما بحمل أحدهما على الحكم الاقتضائي بمرجّحات باب المزاحمة.
فيه : إن موارد التوفيق العرفي غير موارد التعارض ، فإذا فرض التعارض بين الدليلين كان معناه عدم إمكان الجمع العرفي بينهما ، وفيما إذا أمكن ذلك فلا تعارض. ففرض التعارض مع فرض إمكان الجمع العرفي لا يجتمعان. بل يجمع بينهما جمعاً عرفيّاً. أمّا في مسألة الاجتماع ، فإنّ التنافي عقلي وليس بعرفي ، وهذا هو الفارق بين المسألتين (٢).
فأمّا الإشكال الأوّل فوارد.
وأمّا الثاني ، فإنّه غير واردٍ على المحقق الخراساني ، لأنّه يرى ـ كما في باب
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ / ١٤٦ ، محاضرات في اصول الفقه ٣ / ٤٠٢.
(٢) محاضرات في اصول الفقه ٤ / ٢٠٥ و ٢٠٦.