المرتكز في الأذهان كون المصلحة مترتبةً على صرف الوجود والمفسدة مترتّبة جميع الوجودات ، وهذا الارتكاز المستند إلى الغلبة هو السبب في انصراف الإطلاق في طرف الأمر إلى صرف الوجود وفي طرف النهي إلى مطلق الوجود ... فالإشكال مندفع وإن كان كلام المحقق المذكور غير وافٍ بما ذكرناه.
لكنّ الإشكال الوارد هو عدم ثبوت هذه الغلبة ... ويشهد بذلك أن الأوامر الواردة في المندوبات ليس المطلوب فيها صرف الوجود ، فلمّا يقول : اذكر الله ، فإنّ المطلوب ذكر الله بنحو الإطلاق ، وكذا : أكرم العالم ... ونحو ذلك.
وذهب المحقق الخوئي إلى أنه لا فرق في مقام الثبوت ، بل هو في مقام الإثبات ويتلخّص في أنه يستحيل تعلّق التكليف بجميع وجودات المتعلّق ، لأنّها غير مقدور عليها ، وإذ لا معيّن ومرجّح لعدد منها بعد ذلك ، فإن الأمر يتنزّل إلى صرف وجود الطبيعة ، ويتحقق الامتثال بالإتيان به.
أمّا في النهي ، فإن الحال بالعكس ، لأن صرف الترك حاصل بالضرورة ، لعدم القدرة على ارتكاب كلّ أفراد المتعلَّق وطلبه تحصيل للحاصل ، فلا يعقل الزجر عنه ، وإذ لا معيّن لمرتبةٍ من المراتب ، فإنّ النهي يترقّى إلى مطلق وجود المتعلّق.
وأورد عليه شيخنا بوجوه :
الأول : إنّ كلّ تعيّن محتاجٌ إلى معيّن بلحاظ خصوصيّةٍ ، وعليه ، فما المعيّن لصرف الوجود عند العجز عن جميع الوجودات؟ وما الدليل عليه إثباتاً؟
إن مجرّد عدم القدرة على الجميع لا يوجب التعيين ، بل في هذه الحالة