مفهوم الحصر
وللحصر أدوات. منها كلمة (إلاّ) ، وهي تدلّ عليه إذا كانت بمعنى الاستثناء ، أما عند ما تكون بمعنى الصّفة فلا ، لما تقدّم من أن لا مفهوم للوصف.
وأمّا دلالتها على الحصر في صورة كونها بمعنى الاستثناء ، فلأن الاستثناء هو نفي الحكم الثابت في المستثنى منه أو إثبات الحكم المنفي ، فلما يقول : «أكرم العلماء إلاّ الفساق» يخرج الفسّاق ويعزلهم عن العلماء في الحكم الثابت لهم وهو الإكرام ، فينحصر الحكم بالعدول منهم ... وهذا هو المرتكز عند العرف ، ولذا يرون التناقض فيما لو قال ذلك ثم أمر بإكرام الفسّاق كذلك.
ولم يخالف في هذا إلاّ أبو حنيفة مستدلاًّ ب «لا صلاة إلاّ بطهور» (١).
وقد أجيب بوجوه ، أمتنها ما في حاشية (الكفاية) (٢) : من أن مثل هذا الكلام ظاهر عرفاً في الاشتراط ، أي إنّ الصّلاة مشروطة بالطّهارة.
والحاصل أن لا شبهة في دلالة الاستثناء على الانحصار.
إنما الكلام في أنها دلالة منطوقية أو مفهوميّة؟
اختار الأُستاذ وغيره الأول تبعاً للميرزا ، ثم قال : بأن البحث عن ذلك قليل الجدوى ، بعد ثبوت أصل المطلب.
ومن أدوات الاستثناء المفيدة للحصر كلمة «إنما» ، وقد نصّ علماء (٣) اللّغة
__________________
(١) وسائل الشيعة ١ / ٣١٥.
(٢) كفاية الاصول : ٢٠٩ ـ ٢١٠.
(٣) قال الفيّومي : «قيل : تقتضي الحصر» ، قال الجوهري : «إذا زدت (ما) على (إنّ) صارت للتعيين ...» المصباح المنير : ٢٦.