وقال الميرزا رحمهالله (١) : بأنّ الدليل اللّبي المخصّص للعام تارةً : يفيد ثبوت قيدٍ للموضوع. واخرى : يفيد الملاك في العام. وثالثة : يشكُّ في أنّ المستكشف بالمخصص اللّبي هو قيد الموضوع في العام أو الملاك للحكم فيه.
فإن كان من قبيل الأوّل ، كما لو قام الإجماع على تقيّد «الرجل» وهو الموضوع في «انظروا إلى رجل منكم قد روى حديثنا ونَظَر في حلالنا وحرامنا» (٢) وعَرَفَ أحكامنا بالعدالة ، ففي الفرد المردّد منه يسقط العام عن الحجيّة ، لأنّ حجيّته موقوفة على إحراز الكبرى والصغرى معاً ، والمفروض عدم إحراز الصغرى في المثال.
وإنْ كان من قبيل الثاني ، كما في «اللهم العن بني اميّة قاطبةً» ، فإنّه قد علم بالأدلّة أنّ الملاك لهذا اللّعن هو بغضهم للنبي وآله ، لا أنّ هذه الصفة قيدٌ للموضوع ، لأنّه وإنْ كان الحكم يدور مدار الملاك ، إلاّ أنه لا يقيّد الحكم في مقام التشريع ، فالصّلاة واجبةٌ ـ لا بقيد النّاهية عن الفحشاء والمنكر ، وإنْ كانت هذه الحيثية ملاكاً لها وهي تدور مدارها قبل صدور الحكم ـ ففي الفرد المردّد في هذه الصورة يتمسّك بالعام ، لما تقدّم من أن تلك الصفة ليست قيداً للموضوع حتى تكون شبهةً مصداقيةً أو مفهوميّة ، وليس من وظيفة المكلّف الفحص عن وجود الملاك وعدم وجوده ، بل عليه الرجوع إلى الحكم الصادر من المولى ، والمفروض شموله للفرد المردّد بعمومه.
وإنْ كان من قبيل الثالث ، أي : وقع الشك في أن المستكشف بالمخصّص اللّبي قيد للموضوع حتى لا يتمسّك بالعام ، أو أنه ملاك لجعل الحكم فيتمسّك به ،
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ / ٣٤٣.
(٢) غوالي اللئالي ٣ / ١٩٢ ، باب الجهاد.