معنى «النسخ» فيه يختلف عن النسخ الاصطلاحي ، ولذا لم يجعل التأخّر من المرجّحات في باب التعادل والتراجيح. والتفصيل موكول إلى هناك.
وعلى كلّ حالٍ ، فإنّ دعوى (الكفاية) مستندة إلى ندرة النسخ في زمان الوحي وأنه بعد انقطاعه لا نسخ.
وقد أورد عليه الميرزا بوجهين (١) :
الأول : إنه لما وقع الشك في أنّ حرمة إكرام الفاسق باقية إلى زمان ما بعد العامّ المتأخر عنه ، أو أن الحكم المذكور ينقطع بمجيء العام ، فإنّ مقتضى الاستصحاب بقاء حكم الخاص ، وإنّما يحتاج إلى التمسّك بالاستصحاب لإبقائه ، لأنَّ استمرار الحكم في الزمان وإنْ كان من الامور المتفرّعة على الحكم ، ولكنّ ذلك موقوف على وجوده ، والمفروض دوران الأمر بين وجوده مخصّصاً للعام أو زواله بنسخ العام له ، فكان الموجب للبقاء هو الأصل العملي ، أي الاستصحاب. لكنّ هذا الاستصحاب محكوم بالدليل وهو أصالة العموم ؛ فما ذهب إليه صاحب (الكفاية) من التخصيص مردود.
وقد أشكل عليه الأُستاذ بوجهين : الأول : إنّ بقاء واستمرار الحكم ليس من متفرّعات الحكم بل من خصوصيّات وجوده ، فالحكم إمّا موجودٌ وامّا زائل ، لا أنّه موجود فهو مستمرٌّ وباق. والثاني : إنّه لو لم يكن دليل الحكم متكفّلاً البقاء والاستمرار له للزم الإهمال المحال ... لأنّ الحاكم عند ما يجعل الحكم ، فإمّا يجعله على وجه البقاء والاستمرار وامّا يجعله لا على هذا الوجه ، وأمّا أنْ لا يدري أن حكمه على أيّ وجهٍ فهذا محال ... هذا ، ومقتضى الإطلاق في الجعل أنْ يكون
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ / ٣٩٩.