لأنّ توقّف أصالة العموم ـ كأصالة الإطلاق ـ على مقدّمات الحكمة ، غير تام ، بل إنّ ألفاظ العموم بذاتها تدلّ على الشمول والاستيعاب.
فالوجه الصحيح لتعيّن التخصيص هو ما ذهب إليه المحقق الأصفهاني من أنّ كلام الأئمّة عليهمالسلام واحد ، فكأن ما صدر من الإمام الباقر وما صدر من الإمام الرضا ـ عليهماالسلام ـ صادران في مجلسٍ واحد ... فإذا كان الأئمة بحكم الواحد وكلامهم بحكم الكلام الواحد ، جرى في كلماتهم حكم المخصّص المتّصل ... ويشهد بذلك ما ورد عنهم من جواز نسبة ما سمع من أحدهم إلى غيره (١).
الصورة الثالثة أنْ يرد الدليل الخاص ثم يرد العام قبل حضور وقت العمل بالخاص. وفي هذه الصورة قالوا بتعيّن تخصيص الخاصّ للعام بلا إشكال ، إمّا للزوم اللغويّة وامّا لاستحالة البعث مع عدم إمكان الانبعاث.
الصورة الرابعة أن يرد الخاص ثم العام بعد حضور وقت العمل بالخاص ، فهل يتخصّص العام بالدليل المتقدم عليه أو يكون ناسخاً لذاك الدليل؟ والثمرة واضحة ، لأنّه بناءً على الأوّل لا بدّ من العمل على طبق الخاص ، وبناءً على الثاني يكون العمل على طبقه ثم على العام من حين وروده.
ذهب في (الكفاية) إلى تقدَّم التخصيص لكثرته في الشريعة حتى اشتهر أنه ما من عامٍّ إلاّ وقد خص ، ولندرة النسخ قبل انقطاع الوحي وأمّا بعده فلا نسخ.
وأمّا ما ورد في الصحيح من أن الحديث ينسخ كما ينسخ القرآن ، ولذا يؤخذ بالخبر الوارد عن الإمام المتأخر ، وعليه مشى مثل الشيخ الصّدوق في الخبرين المتنافيين ، مرجّحاً المتأخّر على المتقدم زماناً ، فقد أوضح الأُستاذ : بأنّ
__________________
(١) كفاية الاصول : ٢٣٧.