كان البعث واحداً ومتوجّهاً إلى الفسّاق وغيرهم على حدّ سواء ، فكيف ينشأ من داعيين؟ بل إنه لما تعدّد المبعوث إليه فلا بدّ وأن يكون متعدداً ، وإذا تعدّد أمكن أن يكون الانبعاث إلى بعض الأفراد ناشئاً من الإرادة الجدّية وإلى البعض الآخر ناشئاً من الارادة الاستعماليّة ، وهذا ما ذكره صاحب (الكفاية) ... فلا حاجة إلى طريق الأصفهاني ، وإشكال البروجردي على (الكفاية) مندفع ، فالحق مع صاحب (الكفاية) تبعاً للشّيخ قدس سرّهما.
وحاصل الكلام : إنه إن كان الكلام مبيّناً لا إجمال فيه ، فإن الظهور ينعقد للعام في العموم ولا يتوقّف العقلاء في دلالته على المراد ، فإنهم يفهمون ما ذا قال ، ثمّ مع مجيء المخصص المنفصل يفهمون ـ بعد الجمع بينه وبين العام ـ أنه ما ذا أراد.
وعلى الجملة ، فإن المخصص يكون محدّداً للمراد لا مبيّناً لما دلّ عليه لفظ العام ، وأمّا ما زاد عمّا جاء به المخصّص فباق على حجيّته ، لوجود المقتضي وهو دلالة اللّفظ على العموم ، وعدم المانع ، لأنه إنما قام بمقدار ما دلّ عليه المخصّص ... فلا مجاز حتى يحتمل إجمال العام في غير مورد التخصيص.
وعلى فرض تسليم مجازية الباقي ، فما هو الجواب؟
أجاب الميرزا القمي : بأنّ الباقي أقرب المجازات.
توضيحه : إنّه بناءً على المجازية وكشف المخصّص المنفصل عن أنّ المراد الاستعمالي ليس هو الشمول لجميع الأفراد ، لا يلزم الإجمال ، لأنّ سبب الإجمال هو كون المجازات على قدم المساواة ، وتعيّن بعضها دون بعض ترجيح