تركه أرجح كما يظهر من مداومة الأئمة ـ عليهمالسلام ـ على الترك ، فيكون صوم عاشوراء من قبيل المستحبّين المتزاحمين ، لا من قبيل تعلّق الأمر والنهي بشيء واحد ، وذلك ، لأن الأمر قد تعلَّق بفعل هذا الصوم ، لكونه عبادةً ، وتعلّق بتركه ، لكونه عملاً قد التزم به بنو اميّة بعد قتل سيد الشهداء الحسين عليهالسلام ، وإذا كان من صغريات باب التزاحم ، فإنه يحكم بالتخيير بين الفعل والترك لو لم يكن أهم في البين ، وإلاّ فيتعيّن الأهم وإنْ كان الآخر يقع صحيحاً ، حيث أنه كان راجحاً وواجداً للملاك وموافقاً للغرض.
إذن ، ليس هذا المورد من قبيل اجتماع الاستحباب والكراهة ليتمّ الاستدلال به للقول بالجواز ، بل من قبيل التزاحم بين المستحبين ، وهما فعل الصوم وتركه.
هذا ما أفاده صاحب (الكفاية) تبعاً للشيخ الأعظم (١).
فأشكل عليه الميرزا قائلاً : إن الفعل والترك إذا كان كلّ منهما مشتملاً على مقدارٍ من المصلحة ، فبما أنه يستحيل تعلّق الأمر بكلٍّ من النقيضين في زمانٍ واحدٍ ، يكون المؤثّر في نظر الآمر احدى المصلحتين على تقدير كونها أقوى من الاخرى ، ويسقط كلتاهما عن التأثير على تقدير التساوي ، لاستحالة تعلّق الطلب التخييري بالنقيضين ، لأنه من طلب الحاصل ، وعليه ، يستحيل كون كلّ من الفعل والترك مطلوباً بالفعل.
وبالجملة ، اشتمال كلّ من الفعل والترك على المصلحة ، يوجب تزاحم الملاكين في تأثيرها في جعل الحكم على طبق كلٍّ منهما ، لاستحالة تأثيرهما في
__________________
(١) مطارح الأنظار : ١٣٠ ، كفاية الاصول : ١٦٣.