وأجاب الأُستاذ دام بقاه : بأن جواز اجتماع الأمر والنهي في الشيء الواحد ذي العنوانين وامتناعه ، فرع التزاحم والتعارض ، فإن كان التعارض فالامتناع وإن كان التزاحم فالجواز ، ومن الواضح أن التعارض في الأدلّة الشرعية لا يكون إلاّ في القضايا الحقيقيّة ، والموضوع في هذه القضايا ليس الواحد الشخصي الخارجي ، بل إن الحكم فيها متوجّه إلى الطبيعة ، كقوله تعالى (أَقِيمُوا الصلَاةَ) (١) (وَللهِ عَلى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) (٢) لا إلى الفرد من الصّلاة والحج وغيرهما ، فالأوامر والنواهي غير متعلقة بالواحد الشخصي. هذا أولاً.
وثانياً : إن الواحد الشخصي لا يعقل أن يكون متعلّقاً للأمر ، بل إنه مسقط له لكونه مصداق المأمور به.
وأمّا القول بأن ضمّ الكلّي إلى الكلّي لا ينتج الواحد. ففيه : إنه خلط بين الوحدة الشخصية والنوعية ، لأن الوحدة النوعية كما في انضمام الفصل إلى الجنس موجودة مع عدم كونها شخصية ، إذن ، لا ملازمة بين الوحدة والشخصيّة ، والمراد من الوحدة هي الوحدة في مقابل التعدّد.
قال في الكفاية (٣) ما ملخّصه : إن الجهة المبحوث عنها هنا هي : هل إن تعدّد العنوان في الواحد ذي العنوانين ، يوجب تعدّد المتعلَّق بحيث ترتفع مشكلة استحالة الاجتماع أو لا؟ (قال) : فالنزاع في سراية كلٍّ من الأمر والنهي إلى متعلّق الآخر لاتّحاد متعلَّقيهما وجوداً وعدم سرايته لتعدّدهما وجهاً.
__________________
(١) سورة البقرة : الآية ٤٣.
(٢) سورة آل عمران : الآية ٩٧.
(٣) كفاية الاصول : ١٥٠.