فإذا ضممنا المقدمتين ببعضهما أنتج أن الدلالة على العموم عقلية بمقدّمات الحكمة.
فأورد المحقق الإيرواني (١) على (الكفاية) : بأنّ دلالة النكرة في سياق النفي على العموم ، موقوفة على لحاظ الطبيعة بنحو السريان إلى الأفراد ، لكونه ذاتي الطبيعة ، ولا حاجة إلى لحاظها مطلقة ليثبت السريان حتى يشكل بعدم المثبت للّحاظ كذلك.
لكنّ الأُستاذ أشكل عليه : بأنّ الطبيعة والماهية ليست إلاّ هي ، وأمّا سريانها إلى أفرادها فشيء زائد عليها إذن ، يتوقّف على اللحاظ وليست الطبيعة في حدّ ذاتها ساريةً.
لكنّ التحقيق هو أن الإطلاق غير متقوّم بلحاظ الطبيعة ساريةً إلى الأفراد ، بل هو لحاظ القيود ورفضها ، فيكون السريان لازماً للإطلاق لا أنه نفسه كما قال الإيرواني ، فكان كلامه مخدوشاً بوجهين.
وقال المحقق الأصفهاني (٢) مستشكلاً على قول (الكفاية) : «لضرورة أنه لا يكاد يكون طبيعة معدومة إلا إذا لم يكن فرد منها بموجود وإلاّ كانت موجودة» ، بتوضيحٍ منا : بأن النفي يضاف إلى الطبيعة كالإثبات ، فيقال : عدم الإنسان كما يقال : وجود الإنسان ، فلا فرق بين الوجود المضاف إليها والعدم ، بل المهم هو لحاظ
__________________
(١) نهاية النهاية : ٢٧٦.
(٢) نهاية الدراية ٢ / ٤٤٨.