والطبائع متباينة ، ويكون أفرادها مقدمة لتحقّقها. أمّا على القول بعدم وجوب المقدّمة ، فالأمر واضح ، وأمّا على القول بوجوبها ، فإنّ وجوب الفرد غيري ولا محذور في اجتماع الواجب الغيري مع الحرمة الغيريّة.
وفيه :
أوّلاً : إنه سيأتي أن الغَصب عنوان انتزاعي من التصرّف في مال الغير بدون إذنه ، فقد ينتزع من نفس الصّلاة حالكونها في ملك الغير ، فلم يغاير متعلَّق الأمر متعلَّق النهي.
وثانياً : إن نسبة الفرد إلى الطبيعة ليست نسبة المقدّمة إلى ذيها ، بل إن الطبيعي موجود بوجود الفرد.
وثالثاً : لو سلّمنا ، فإنّ محذور اجتماع الضدّين موجود في الواجب والحرام الغيريين كما هو في النفسيين.
ذكره بعض المتقدمين ، ونقّحه في (المحاضرات) (١) ضمن أربع مقدمات : الاولى : إنّ الأمر ـ وكذا النهي ـ إذا تعلَّق بشيء فإنّه لا يتجاوز عن الشيء إلى ما يقارنه أو يلازمه ، لأن المتعلَّق هو الذي يقوم به الغرض من الأمر والنهي.
الثانية : إن المتعلَّق هو الطبيعي ، إلاّ أنْ مقتضى ذات الطبيعة هو سراية الحكم منها إلى الفرد ، ولا علاقة لهذه السراية بإرادة الآمر أو الناهي ، فلو تعلَّقت إرادته بذلك لزم عليه الإتيان بما يدلّ عليه في مقام الإثبات ، كأن يقول : أكرم كلّ عالمٍ ، فيأتي بلفظ «كلّ» الدالّ على عموم الأفراد ، لإفادة أن الحكم متوجّه إليهم لا إلى طبيعي العالم.
__________________
(١) محاضرات في اصول الفقه ٣ / ٣٦٥ ـ ٣٦٦.