قال الميرزا : نعم ، لأن الدلالة على العموم بأداته وإنْ كانت وضعيّة إلاّ أنها لا تفيد إلاّ الاستيعاب بالنسبة إلى الأفراد ، فلما يقال : «أكرم كلّ عالم» شمل جميع أفراد العالم ، ولكنْ هل المراد خصوص العدول منهم أو الأعم؟ فلا دلالة لها عليه ، فنحتاج إلى مقدمات الحكمة لإفادة عدم تقيّد المتعلّق بالعدالة وغيرها من العناوين. وعلى الجملة : فإن «كلّ» تفيد الشمول والاستيعاب في الخصوصيّات المفرّدة ، وأمّا الخصوصيّات الصنفية والنوعية ، فلا دلالة إلاّ بمقدّمات الحكمة.
وقد اشكل عليه : بأن لازم هذا الكلام أنْ لا يكون عندنا لفظ صريحٌ في العموم ، ولكنّ التالي باطل ، للفرق الواضح بين العام والمطلق ، فالمقدّم مثله.
فأجاب عنه الأُستاذ ـ في الدورتين ـ بإمكان أن يفرّق بين الخصوصيّات الصنفية والنوعية وبين الأفراد ، فيقال بعدم كفاية الأداة في الدلالة على العموم في تلك الخصوصيّات وأنه لا صراحة لها فيها إلاّ أن يقال : أكرم كلّ عالم من كلّ صنف ، فحينئذ يكون الكلام صريحاً ... إذن ، يمكن اجتماع الصراحة مع مقدّمات الحكمة ، ولا تنافي بينهما.
(قال) فالحق في الإشكال أن يقال : بأنّ إجراء المقدّمات من أجل الدلالة العقليّة مع وجود الأداة الدالّة على العموم لغوٌ ، لأنّ إجرائها إنما يكون حيث لا دلالة لفظيّة ، والمفروض أنّ كلمة «كل» لها الظهور التام والدلالة الواضحة على إرادة جميع الأفراد بأصنافها وأنواعها ، فلا حاجة إلى المقدمات ، وإجراؤها لغو.
فالاستغراقي ، عبارة عن لحاظ كلّ فردٍ فردٍ موضوعاً مستقلاًّ للحكم ، بحيث لو جاء الحكم لا نحلّ على عدد الأفراد ، وكان هناك إطاعات ومعاصٍ بعددها.