قال في الكفاية (١) : قد ظهر من مطاوي ما ذكرناه أن المسألة عقليّة ....
أقول :
لا يخفى أن المسائل الاصولية منها عقلية ومنها لفظيّة ، ولمّا لم يكن البحث في مسألتنا عن مدلول الأمر والنهي ، فهو ليس من المسائل اللّفظيّة ، فيكون ـ لا محالة ـ من المسائل العقلية.
والأحكام العقليّة تنقسم إلى المستقلة ، غير المستقلة ، والقسم الثاني منه ما يقع في طريق الاستنباط ومنه ما لا يقع.
أمّا ما لا يقع في طريق الاستنباط ، فمثل درك العقل وجود المصلحة أو المفسدة الملزمة في شيء ، ولكنّه يفيد الحكم الشرعي بضميمة قاعدة الملازمة.
وأمّا الحكم العقلي غير المستقل وغير الواقع في طريق الاستنباط ، فكحكم العقل بوجوب إطاعة المولى ، فإنه في مرتبة معلول الحكم الشرعي بوجوب الصّلاة مثلاً ، فإنه يجب إثبات وجوبها شرعاً حتّى يتولّد منه الحكم العقلي بلزوم الإطاعة له.
وأمّا الحكم العقلي غير المستقل الواقع في طريق الاستنباط ، فكحكمه باستحالة اجتماع الضدّين.
وبما ذكرنا يتّضح : أنّ بحث الاجتماع من المباحث الاصولية العقلية من قبيل القسم الأخير ، فإنه إذا ضمّ هذا الحكم العقلي إلى صغرى اجتماع الأمر والنهي الشرعيين في الواحد ذي العنوانين ، حصل الحكم الشرعي بصحّة الصّلاة أو فسادها ....
__________________
(١) كفاية الاصول : ١٥٢.