وقد أفاد دام ظلّه ، بأن القضية في طرف الأمر وتحقق الامتثال بصرف وجود الطبيعة واضحة عقلاً وعقلاء ، وأمّا في طرف النهي ، فإنّ الارتكاز العقلائي منشؤه وجود الملازمة بين عدم صرف الوجود مع عدم الوجودات كلّها ، وهذا هو وجه الفرق.
ثم أجاب عمّا أورده المحقق الأصفهاني : من أنّ هذا من اللّوازم وليس مقتضى النهي نفسه ، بأن المشكلة كانت في وجه الفرق ، ولا أحدٌ يدّعي أنّ هذا الافتراق هو من ناحية نفس النهي ....
لكن يبقى الإشكال بأنّه : إذا كان النهي عن صرف الوجود فقط لا عن جميع الوجودات ، فإنه يستلزم أنّه إن خالف النهي وارتكب المنهيّ عنه ، تتحقق المعصية مرّةً واحدةً ولا يكون ارتكابه فيما بعده معصيةً.
وسيأتي الجواب عنه ـ في الجهة اللاّحقة ـ من كلام المحقق الخراساني.
ثم إنه لا دلالة للنهي على إرادة الترك لو خولف أو عدم إرادته ، بل لا بدّ في تعيين ذلك من دلالة ولو كان إطلاق المتعلّق من هذه الجهة ، ولا يكفي إطلاقها من سائر الجهات (١).
وتوضيح ذلك : إن النواهي في الشّريعة المقدّسة على قسمين : فقد ينهى الشارع عن شيء ، ولا يبقى النهي لو خولف بصرف الوجود ، كما في النهي عن التكلّم في الصّلاة مثلاً ، فإنّه ـ على مسلك صاحب (الكفاية) ـ طلب الترك ، فإذا تعلّق الغرض بعدم التكلّم في الصّلاة وجاء النهي عنه ، فإن صرف وجوده فيها
__________________
(١) كفاية الاصول : ١٥٠.