البديهيات ، فإذا أمرت عبدك بخياطة ثوبك ونهيته عن التصرّف في فضاء دار الغير ، فخاط العبد ثوبك في فضاء الغير ، فهل يكون لك أن تقول له : أنت لا تستحق الاجرة لعدم إتيانك بما أمرتك؟ ولو قلت هذا ، فهل لا تكون مذموماً عند العقلاء؟ لا والله ، بل تراه ممتثلاً من جهة الخياطة وعاصياً من جهة التصرّف في فضاء الغير ....
فقد نقله صاحب (الكفاية) عن الحاجبي والعضدي (١) في وجوه الاستدلال للقول بالجواز ، وأجاب عنه ـ بعد المناقشة بأنه ليس من باب الاجتماع ، ضرورة أن الكون المنهي عنه غير متّحد مع الخياطة وجوداً أصلاً ـ بأنّه لا يصدق إلاّ أحد العنوانين ، إمّا الإطاعة وامّا العصيان ، ودعوى قيام السيرة من العقلاء على استحقاق الاجرة مع تحقق المعصية ، أوّل الكلام.
وذهب الميرزا إلى الجواز (٢) ، قائلاً بأن التركيب بين المتعلّقين انضمامي ـ خلافاً لِما تقدَّم من أنه تركيب اتحادي ، إذ أنه يلزم الاجتماع بينهما في الوجود ـ فهو يرى أنّ متعلَّق الأمر يختلف ماهيّة ووجوداً عن متعلَّق النهي ، غير أنّ أحدهما منضمّ إلى الآخر في الوجود.
وقد عقد لمسلكه مقدماتٍ ، نتعرّض لما له دخل في المطلب مع رعاية الاختصار :
الاولى :
إن المعاني التي تفهم من الألفاظ ـ وبهذا الاعتبار تسمّى بالمفاهيم ـ تارةً
__________________
(١) كفاية الاصول : ١٦٦ عن شرح المختصر في الاصول ٩٢ ـ ٩٣.
(٢) أجود التقريرات ٢ / ١٥٧ ـ ١٦٠.