وثانياً : إن ما ذكره لا يتمّ على مسلكه ـ تبعاً للشيخ ـ في أساس تنجيز العلم الإجمالي ، وهو المختار عندنا أيضاً ، وهو القول بالاقتضاء ـ في مقابل مسلك المحقق العراقي ، وهو القول بالعليّة ـ وحاصله : رجوع التنجّز إلى تعارض الاصول في الأطراف وتساقطها ، ففيما نحن فيه ، لمّا عثرنا على الإناء النجس ـ وإنْ لم يكن بعنوان إناء زيد ـ وجب الاجتناب عنه ، وكان الأصل ـ الطهارة مثلاً ـ جارياً في الطرف بلا معارض ، فلا يبقى تنجيز ....
وعلى الجملة ، فإنّ مقتضى القول بالاقتضاء مع عدم جريان الأصل في طرفٍ للعلم بنجاسته مثلاً هو جريانه في غيره ، سواءً كان ذو العنوان مردّداً بين الأقل والأكثر مثل عنوان ما في الكتب أو لم يكن مردّداً بينهما مثل عنوان إناء زيد ، وبذلك ينحلّ العلم الإجمالي. نعم ، إنما يتم ما ذكره على مسلك العليّة.
وثالثاً : إن مانعيّة العلم الإجمالي فرع لتماميّة المقتضي للتمسّك بأصالة العموم ، لكنّ الحق ـ تبعاً للمحقق الخراساني ـ أنّ عمومات الكتاب والسنّة في معرض التخصيص ، فليست بمجرى لأصالة العموم.
ورابعاً : إنّ البحث في حكم التمسّك بالعام قبل الفحص عن المخصّص جارٍ سواء كان حكم الخاص إلزاميّاً أو ترخيصيّاً ، فالبحث أعمّ من مورد العلم الإجمالي وتنجّزه لوجوب الاحتياط.
قال في (الكفاية) (١) ما حاصله : إنّ أصالة العموم أصلٌ عقلائي ، وملاكه هو أصالة التطابق بين الإرادة الاستعمالية والجدية ، ولكنّ العقلاء إنما يتمسّكون بهذا الأصل حيث لا يكون العام في معرض التخصيص ، لكنّ عمومات الكتاب والسنّة
__________________
(١) كفاية الاصول : ٢٢٦.