(قال) وليس الصّلاة والغصب ـ مثلاً ـ من قبيل الجنس والفصل حتى تبتني هذه المسألة على وحدة وجودهما في الخارج فيقال بالامتناع أو تعدّدهما فيقال بالجواز ، وذلك : لأنا نمنع القول بتعدّد وجودهما ، لأنهما في الحقيقة شيء واحد ، والفرق بينهما ليس إلاّ من حيث التحصّل وعدم التحصّل. هذا أوّلاً. وثانياً : لو سلّمنا التعدّد فيهما ، فإنّ نسبة الصّلاة إلى الغصب ليس نسبة الجنس إلى الفصل ، وإلاّ لزم أنْ لا توجد الصّلاة إلاّ مع الغصب كما لا يتحقق الجنس إلاّ مع الفصل.
قال في (الكفاية) : إذا عرفت ما مهّدناه ، عرفت أنّ المجمع حيث كان واحداً ـ وجوداً وذاتاً ـ كان تعلّق الأمر والنهي به محالاً ولو كان تعلّقهما به بعنوانين ....
وحاصل كلامه بالنظر إلى المقدّمات المذكورة : إنّ المركب لكلٍّ من الحكمين هو المعنون لا العنوان ، وهو واحد مع تعدّد العنوان ، ووحدة المعنون هي في الوجود والماهيّة معاً ، هذا كلّه مع التضاد بين الأحكام ... فيكون الشيء الواحد ذو الوجود الواحد والماهية الواحدة متعلَّقاً للأمر والنهي معاً ، ويلزم اجتماع الضدّين ، وهو محال ، وما يلزم من المحال محال ، فالاجتماع محال ، والنتيجة هي الامتناع.
لكنّ المهمّ في البحث هو قضية وحدة المعنون وتعدّده ، والنتيجة المطلوبة ـ أعني الامتناع ـ موقوفة على وجود الملازمة بين تعدّد العنوان والمعنون ، وقد تقدَّم في بيان المقدّمات أنْ لا ملازمة ، فقد يتعدّد العنوان ويستحيل تعدّد المعنون كما في ذات الباري عزّ وجل ، وكما في الجنس والفصل حيث أن الحيوان والناطق