إكرام زيد؟ قولان ، وهناك قول بالتفصيل بين الدليل اللّفظي واللبّي.
أمّا إذا كان المخصّص متّصلاً ، فلا خلاف بينهم في عدم جواز التمسّك ، فالخلاف في خصوص المنفصل.
فإن كان المخصّص لفظياً والقضيّة حقيقيّة ، فالحق عدم جواز التمسّك وذلك :
لأنّ القضايا مطلقاً ـ سواء كانت خارجية أو حقيقية ـ متكفّلة لثبوت المحمول للموضوع لا أكثر ، لأن مرتبة المحمول متأخرة عن مرتبة الموضوع ، وما يتكفّل المتأخر لا يتكفّل المتقدّم في الرتبة ، فقوله : الخمر حرام متكفّل لحرمة الخمر فقط ، وكذا : الصّلاة واجبة ، والبيع حلال وهكذا. فهذه مقدمة.
ومقدّمة اخرى : إنّ شأن المخصص إخراج العام عن العموم ، فإذا جاء لا يبقى العام على عمومه ، وإنْ وقع الخلاف بينهم في تعنون العام بنقيض الخاص وعدمه ـ كما تقدّم ـ إذ يكون العام على القول الأول محدوداً بمن ليس بفاسق ، وعلى القول الثاني بالأفراد التي هي ضد الخاص.
وبعد المقدّمتين ، فإنّه مع مجيء الخاص ، يكون الموضوع للعام هو العالم غير الفاسق أو العالم الذي هو ضد الفاسق ، فإذا تحدّد الموضوع وأصبح عنوان الخاص جزءاً عقلياً لموضوع العام ، بمقتضى المقدمة الثانية ، فإنّ هذه القضية وهي أكرم العالم غير الفاسق لا يمكن أنْ تثبت الموضوع وتحرزه ، كما تقدم في المقدمة الأولى ؛ فلو أردنا التمسّك بالعام لرفع الشك في حال زيد العالم ووجوب إكرامه ، كان من التمسّك بالدليل في موضوع نفس الدليل بحسب حجيّته ، وقد عرفت أنّه محال.