حالها ، لوجود المقتضي وعدم المانع.
وقد ذكر صاحب (الكفاية) (١) هذا الوجه عن الشيخ وأورد عليه بما حاصله :
إنه بعد أن كان اللّفظ مستعملاً في الخصوص مجازاً ، وكان إرادة كلّ واحدٍ من مراتب الخصوصات ممكناً ، كان تعيّن بعضها بلا معيّن ترجيحاً بلا مرجّح ، ولا مقتضي لظهور لفظ العام في ذلك البعض ، وقد تقدّم أن المدار في الخروج عن الإجمال على تحقق الظهور للّفظ ، وهو إمّا بالوضع أو بالقرينة ، والمفروض أنه ليس بموضوعٍ له ولا يوجد قرينة ، فلا مقتضي لظهوره وقالبيّته في العلماء غير الفسّاق ، لأنّ دلالة أكرم كلّ عالم على العلماء غير الفساق تضمنيّة ، لكونها في ضمن دلالة اللّفظ على العموم والشمول بالمطابقة ، فلمّا سقطت الدلالة المطابقية بمجيء المخصّص سقطت التضمنيّة بتبعها.
ودافع المحقق الأصفهاني (٢) عن كلام الشيخ ، فأجاب عن الإشكال : بأنّ تبعية الدلالة التضمنيّة للمطابقية إنما هي في مقام الثبوت ، لوضوح أنه لو لا أكرم كلّ عالمٍ فلا دلالة على وجوب إكرام الفساق ، أما في مقام السقوط فبالعكس ، لأنّ قوله لا تكرم الفسّاق من العلماء ، رفع دلالة العام على الفسّاق فقط ، ولا يزاحم سائر دلالاته التضمنيّة ، فكان مجيء هذا المخصّص موجباً لسقوط العام عن الدلالة بالنسبة إلى الفسّاق.
فإنْ قلت : إنه بعد سقوط الدلالة المطابقية كما ذكرت ، فلا يبقى دلالة مطابقية أصلاً.
__________________
(١) كفاية الاصول : ٢١٩.
(٢) نهاية الدراية ٢ / ٤٥٢.