أمّا لو كان هو السبب في هذا الاضطرار ، قال في (الكفاية) (١) :
إنما الإشكال فيما إذا كان ما اضطرّ إليه بسوء اختياره ، مما ينحصر به التخلّص عن محذور الحرام كالخروج عن الدار المغصوبة فيما إذا توسّطها بالاختيار ، في كونه منهيّاً عنه أو مأموراً به ، مع جريان حكم المعصية عليه أو بدونه ، فيه أقوال ، هذا على الامتناع.
وأمّا على القول بالجواز ، فعن أبي هاشم أنه مأمور به ومنهي عنه ، واختاره الفاضل القمي ناسباً له إلى أكثر المتأخرين وظاهر الفقهاء.
والحق : أنه منهي عنه بالنهي السابق الساقط بحدوث الاضطرار إليه وعصيانه له بسوء الاختيار ، ولا يكاد يكون مأموراً به كما إذا لم يكن هناك توقف عليه أو بلا انحصار به ....
والحاصل : أن في حكم هذا الاضطرار خمسة أقوال ، ذكرها صاحب (الكفاية) وتكلّم عليها ، وأثبت مختاره في المسألة ، وإليك البيان بقدر الحاجة :
القول الأول : إن خروجه من هذا المكان حرام شرعاً ، لأنّه تصرف في ملك الغير.
وفيه : إنّ الكون فيه أيضاً حرام شرعاً ، فلو حرم عليه الخروج ، لزم حكم الشارع بالمتناقضين.
القول الثاني : إن الخروج واجب وحرام ، وكلا الحكمين فعلي. أمّا وجوب الخروج ، فلأنه تخلّص من الغصب ، وهو واجب بنفسه أو مقدمة لواجبٍ هو
__________________
(١) كفاية الاصول : ١٦٨.