القول بالجواز ، لعدم خلوّ الأمر من حالين ، فإمّا توجد مندوحة وامّا لا ، فإنْ وجدت صحّت الصّلاة بلا إشكال على الجواز ، وإنْ فقدت وقع التزاحم ، فإنْ رجّح جانب الأمر فالصحّة ، وإنْ رجّح جانب النهي فالفساد إلاّ بناءً على الترتب ، لكن صاحب (الكفاية) لا يرى الترتّب ، أو بناءً على قصد الملاك ، وتصحيح العمل عن هذا الطريق يتوقف على وجود الأمر ليكشف عن الملاك ، ومع تقدّم النهي لا يوجد أمر فلا كاشف عنه ، فكيف يقصد؟
إذن ، لا وجه لقول (الكفاية) بالصحة بناءً على الجواز ، بصورةٍ مطلقة ، بل لا بدّ من التفصيل (١).
وقد دفع الأُستاذ الإشكال على كلا التقديرين فقال :
لقد أوضح المحقق الخراساني في الأمر الخامس ـ من هذه المقدّمات ـ أن مبنى البحث في مسألة الاجتماع هو لزوم التكليف المحال وعدم لزومه ، لا لزوم التكليف بالمحال وعدم لزومه ... واعتبار وجود المندوحة وعدم اعتبارها إنما يكون فيما لو كان المبنى هو الثاني.
وبعبارة اخرى ، تارةً : يبحث عن جواز أصل التكليف وعدم جوازه ، واخرى : يبحث عن فعلية التكليف وعدم فعليّته ، وقضية وجود المندوحة وعدم وجودها تطرح في البحث عن الفعليّة ، لأنّه مع عدم وجودها يكون تكليفاً بالمحال ، لعدم القدرة على الامتثال ... لكنّ موضوع البحث في مسألة الاجتماع هو أصل التكليف لا فعليّته ....
فهذا ما صرَّح به وغفل عنه المستشكل.
__________________
(١) محاضرات في اصول الفقه ٣ / ٤٣١.