قال في (الكفاية) :
ثم إنه لا دلالة لصيغته على الدوام والتكرار كما لا دلالة لصيغة الأمر ، وإن كان قضيّتهما عقلاً تختلف ولو مع وحدة متعلّقهما ، بأن تكون طبيعة واحدة بذاتها وقيدها تعلّق بها الأمر مرةً والنهي أُخرى ، ضرورة أن وجودها يكون بوجود فردٍ واحدٍ ، وعدمها لا يكاد يكون إلاّ بعدم الجميع كما لا يخفى (١) ....
فمنشأ الفرق عند المحقق الخراساني هو حكم العقل ، ووافقه الميرزا ـ وإن كان هناك فرق بين كلاميهما ، وما ذكره صاحب (الكفاية) أتقن ـ وحاصل هذا الوجه هو : إنّ وجود الطبيعة يتحقق بوجود فردها ، لكنّ عدمها لا يتحقّق إلاّ بعدم جميع الأفراد ، وإن كان في نسبة التحقق والعدم إلى العدم مسامحة ....
وقد ذكر السيد الحكيم برهاناً لهذا الوجه فقال : بأنه لمّا يوجد الفرد من طبيعةٍ ما فبوجوده توجد الطبيعة
أيضاً ، فإذا كان المطلوب تتحقّق الطبيعة فإنّها تتحقّق بوجود الحصّة ويحصل الامتثال ، أمّا في النهي ، فلا يكفي في عدم الطبيعة عدم فردٍ بل لا بدّ من عدم جميع الأفراد ، إذ لو وجد بعض أفرادها وعدم البعض الآخر فصدق وجود الطبيعة وعدمها ، لزم اجتماع النقيضين ، فلا بدّ إمّا أن لا يصدق على وجود الفرد أنه وجود للطبيعة أو يصدق ولا يكون عدمها إلاّ بعدم جميع الأفراد ، وحيث أنه يصدق ضرورةً ، فلا يكون عدم الطبيعة إلاّ بعدم تمام أفرادها.
فيكفي في امتثال الأمر وجود واحد للطبيعة ، ولا يكفي في امتثال النهي إلاّ ترك جميع الأفراد ليتحقق عدمها (٢).
__________________
(١) كفاية الاصول : ١٤٩.
(٢) حقائق الأُصول ١ / ٣٤٦.