بأن الوجه الرابع متقوّم بالشك في وجود الموضوع ، وهذا الخامس أساسه الشك في وصف الموجود ، فهناك كان الشك في وجود الكرّ ، فكان استصحاب عدم وجوده بالنسبة إلى عدم وصف الكريّة أصلاً مثبتاً. أمّا هنا ، فإنّ المستصحب عدم كريّة الماء الموجود في الحوض ، فليس بأصل مثبت. نعم ، ذهب السيّد الحكيم إلى أنه ليس من استصحاب العدم الأزلي لعدم جريانه في عوارض الماهيّة ، وهو الإشكال الثاني على هذا الوجه.
فقد فصّل السيد الحكيم (١) في بين عوارض الوجود فقال بجريان استصحاب العدم الأزلي فيها ، وعوارض الماهية فقال بعدم الجريان. ومورد الشكّ في كريّة الماء من قبيل الثاني ، وعليه بنى في (المستمسك) (٢) ، لأنّ الكريّة هي السّعة في طبيعة الماء وذاته ... ولذا يفرَّق بين كريّة الماء ولون الماء ، فاللّون من عوارض وجود الماء ، أمّا الكريّة فمن عوارض ذاته سواء كان موجوداً أو لا.
وعلى الجملة ، فإنه إنْ كان المراد استصحاب عارض الماهيّة ، فإنّ لحاظ الذات والماهيّة في مرتبة الذات يكفي لانتزاع العارض منها ، كما ينتزع الإمكان من ملاحظة حدّ ذات الإنسان ، فيقال بقابليّة هذه الذات للوجود وللعدم ، فإنّ هذا المعنى لا ينفكُّ عن الذات وليس له حالة سابقة حتى تستصحب ، فلا وجه للتفصيل المذكور. وإنْ كان المراد عوارض الوجود الذهني والخارجي كليهما كالزوجيّة بالنسبة إلى الأربعة ، أو الذهني فقط كالنوعيّة للإنسان ، أو الخارجي فقط كالبياض بالنسبة للجدار ... فإن الاستصحاب في عوارض الوجود جارٍ بلا إشكال.
__________________
(١) حقائق الاصول ١ / ٥٠٦.
(٢) المستمسك في شرح العروة الوثقى ١ / ١٥٣.