القائمة على إناطة عدم الاعتناء بالشكّ بأصلين هما : أصالة عدم تعمّد المكلّف للإخلال بالعمل ، وأصالة عدم غفلة المكلَّف عن العمل حين الإتيان به ... فيكون عدم الاعتناء بالشك بعد الفراغ منوطاً بالأصلين ، والرواية ملقاة إلى العرف ومنزلة على ما في السيرة العقلائية ، وعليه ، يثبت احتفاف الرواية بهذه السّيرة الصالحة لأنْ تكون قرينة صارفةً لإطلاقها ، ونتيجة ذلك : أنه لو شكّ في جريان أحد الأصلين في موردٍ انتفت السّيرة ، فلا يؤخذ بإطلاق الرواية ... وهذا معنى قولهم : إنه يعتبر في الإطلاق عدم وجود ما يحتمل الصارفيّة.
الثالث
لو كان بين الجهة المراد بيانها وجهة اخرى ملازمة
قد تقدَّم أنّه يعتبر في انعقاد الإطلاق كون المتكلّم في مقام بيان المراد ، وأنّه إذا كان للموضوع أو المتعلَّق جهات ، فإن الإطلاق لا ينعقد إلاّ في الجهة التي سبق الكلام لبيانها ... ومثّلنا لذلك بقوله تعالى (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ) (١).
لكنْ عن الشيخ قدس سرّه وتبعه في (الكفاية) (٢) أنه يستثنى من ذلك ما لو كان بين الجهة التي يراد بيانها وغيرها ملازمة شرعية أو عقليّة أو عادية ، فالإطلاق يعمُّ تلك الجهة أيضاً ، ففي الآية مثلاً لو كان بين حليّة الأكل والطّهارة ملازمةٌ ، فإنّ الإطلاق ينعقد في طرف الطهارة أيضاً وإنْ لم تكن الآية في مقام بيان الحكم إلاّ من جهة حليّة الأكل ... وقد مُثّل للمطلب بالملازمة العقليّة بين صحّة الصّلاة نسياناً في مطلق أجزاء ما لا يؤكل لحمه. وما دلَّ على صحّتها كذلك في عذرة ما لا يؤكل لحمه مع كون العذرة جزءاً له.
__________________
(١) سورة المائدة : الآية ٤.
(٢) كفاية الاصول : ٢٤٩ تنبيه.