ولذا ، فإنّ الدليل الدالّ على عدم جواز الصّلاة فيما لا يؤكل لحمه منصرف عن الإنسان إلى غيره ، فتجوز الصّلاة في شعر الإنسان ولا تجوز في شعر الهرّة مثلاً.
والحاصل : إنهم يقولون بأنّ التشكيك في الصّدق هو المنشأ الوحيد المقبول لقالبيّة اللّفظ في المنصرف إليه من المصاديق ، وأمّا مع التواطؤ في الصدق ، كلفظ الرقبة الصادق على المؤمنة والكافرة على حدٍّ سواء ، فلا ينافي الإطلاق ، بل حتى لو كان الصّدق في حصّةٍ أظهر منه في حصّةٍ اخرى لم يناف الإطلاق ... فالملاك هو التشكيك إلى حدّ الجلاء والخفاء.
ثم إنّ الانصراف تارةً يكون مطلقاً واخرى يكون في حالٍ دون حالٍ ، فمثلاً لفظ «الكف» في : «امسح بكفّك قدميك» له ظاهر وباطنٌ ، واللّفظ وإنْ كان ظاهراً في الإطلاق ، بأنْ يمسح بالظاهر أو بالباطن ، لكن بعض الفقهاء كالهمداني (١) رحمهالله يرى بأن مثل هذا الدليل ناظر إلى أحوال المكلَّفين ، أي إنه ينصرف إلى المسح بباطن الكف للمكلَّف المختار ، وإلى المسح بظاهره للمكلّف المضطر.
هذا ، واللّفظ تارةً منصرفٌ كما في انصراف «ما لا يؤكل لحمه» عن الإنسان. واخرى له صارفٌ ، كما لو كان محفوفاً بقرينة حالية أو مقالية ، وقد يقع الشك في وجود الصارف وعدم وجوده. مثلاً يقول الإمام عليهالسلام «كلّ ما مضى من صلاتك وطهورك فامضه كما هو» (٢) وهذه قاعدة الفراغ ... فظاهر الرواية هو عدم الاعتناء بالشكّ بعد الفراغ من العمل ، سواء كان حين العمل ملتفتاً أو غافلاً ، فهذا هو الظاهر ولا قيد في الرواية ، وقد أخذ بعض الفقهاء بهذا الإطلاق ، لكنّ هنا قرينةً خارجيّة لها دخلٌ في المطلب ، وهي السيرة العقلائية
__________________
(١) مصباح الفقيه ١ / ١٥٠.
(٢) وسائل الشيعة ١ / ٤٧١ ، الباب ٤٢ من أبواب الوضوء ، رقم ٦.