إليه ... فالقول بالجواز يستلزم اجتماع الضدّين ... فيكون الحكم كذلك تكليفاً محالاً وليس من التكليف بالمحال ... ولذا يقول : بأن الاجتماع غير جائز حتّى عند من يقول بجواز التكليف بغير المقدور وهم الأشاعرة ، لأنّ الاستحالة ترجع إلى مرحلة التكليف وليست في مرحلة الامتثال ، وهذا هو الفرق بين التكليف المحال والتكليف بالمحال.
وقد أشكل عليه المحقق الأصفهاني فقال (١) : إن حديث تضادّ الأحكام التكليفية وإنْ كان مشهوراً لكنّه ممّا لا أصل له ، لما تقرّر في محلّه من أن التضادّ والتماثل من أوصاف الأحوال الخارجية للامور العينيّة ، وليس الحكم بالإضافة إلى متعلّقه كذلك ، سواء اريد به البعث والزجر الاعتباريّان العقلائيّان أو الإرادة والكراهة النفسيّان.
ثم أوضح ما ذكره على المسلكين المذكورين في حقيقة الأمر والنهي.
ومحصّل كلامه هو : إنّ حقيقة التضادّ عبارة عن التمانع بين الشيئين الموجودين المتعاقبين على الموضوع الواحد ، الواقعين تحت جنسٍ قريب وبينهما غاية الاختلاف ، كالسواد والبياض المتعاقبين على المحلّ الواحد ، فإنّهما أمران وجوديان يجتمعان تحت مقولة الكيف المحسوس لكنْ بينهما الاختلاف في الغاية.
وعلى هذا ، فالتضادّ من أوصاف الموجودات الخارجية ، وهي التي يتصوّر فيها التضادُّ ، دون الأحكام التكليفية :
أمّا على القول : بأن الأمر والنهي هما البعث والزجر الاعتباريّان ، فلأنّ البعث
__________________
(١) نهاية الدراية ٢ / ٣٠٨.