والزجر عبارة عن المعنى الاعتباري المنتزع من قول المولى «صلّ» وقوله «لا تغصب» ، ومن الواضح أن كلاًّ منهما إنشاء خاص مركّب من كيف مسموع ـ وهو لفظ «صلّ» ولفظ «لا تغصب» ، ومن كيف نفساني هو قصد ثبوت المعنى باللفظ ، وهما قائمان بالمولى المنشئ لا بالفعل الخارجي القائم بالغير ، والأمر الاعتباري المنتزع أيضاً قائم به لا بغيره ، ومقوّم هذا الأمر الاعتباري ـ وهو طرفه ـ لا يعقل أنْ يكون الهوية العينية القائمة بالمكلَّف ، لأن البعث الحقيقي يوجد سواء وجدت الهويّة العينيّة من المكلَّف أو لا ، ويستحيل أن يتقوَّم الموجود ويتشخّص بالمعدوم بل ما لا يوجد أصلاً كما في البعث إلى العصاة ، وحينئذٍ يكون المتعلَّق المقوِّم لهذا الأمر الاعتباري والمشخّص له هو الفعل بوجوده العنواني الفرضي الموافق لُافق الأمر الاعتباري والمسانخ له (قال) : فاتضح ممّا ذكرنا : أن البعث والزجر ليسا من الأحوال الخارجية ، بل من الامور الاعتبارية ، وأن متعلَّقهما ليس من الموجودات العينية بل العنوانية.
وأمّا على القول : بأنّ الحكم عبارة عن الإرادة في الوجوب والكراهة في الحرمة ، فقد ذكر وجوهاً لعدم التضادّ ، لأن الإرادة والكراهة ـ سواء التكوينية أو التشريعية ـ قائمتان بالنفس ، لكنهما من الامور ذات التعلّق ، والمتعلّق لهما عين وجود الإرادة والكراهة ، وعليه : فإنّ متعلَّقهما هو الوجود النفساني للمراد والمكروه ، لا الوجود الخارجي ، وإلاّ يلزم وجودهما بلا طرفٍ ، وحينئذٍ ، يكون متعلَّق الإرادة وطرفها موجوداً بوجود الإرادة ، وكذا الكراهة ، ولمّا كانت الإرادة غير الكراهة وبينهما تغاير ، فكذلك بين المتعلَّقين لهما ، فلا يجتمعان في واحدٍ ، فلا تضاد ، وهذا هو الوجه الأوّل.
الوجه الثاني : إن الإرادة أمر نفساني ـ وكذلك الكراهة ـ ولا يعقل تعلّقها بالموجود الخارجي وإلاّ يلزم انقلاب النفساني خارجيّاً والخارجي نفسانياً ، نعم ،