الكلام في مقدّمات الحكمة
وبعد الفراغ عن بيان مداليل الألفاظ الواقعة في الأدلّة ، يقع البحث عن مقدّمات الحكمة ، بناءً على ما تقرّر من خروج الإطلاق عن مفاهيم تلك الألفاظ.
قالوا : والمقدمات ثلاثة :
كون المتكلّم في مقام البيان ، بأنْ لا يكون في مقام الإهمال والإجمال.
ولا يخفى أن كونه في مقام البيان له صور ، فتارةً : هو في مقام بيان تمام المراد ، واخرى : في مقام بيان أصل المراد ، والأول : تارةً في مقام بيان تمام المراد من جميع الجهات ، واخرى في مقام بيانه من بعض الجهات.
ثم إنه قد يُعلم من حال المتكلّم في أنه في مقام البيان أوْ لا ، وقد يشك. فما هو مقتضى القاعدة عند الشك؟
قالوا : إن لم تكن هناك قرينة خاصّة أو عامّة ، فالأصل كونه في مقام البيان ... لكنْ لا بدَّ من إثبات هذا الأصل بذكر المستند له ، وهل هذا الأصل ـ أي أصالة البيان ـ مختصٌّ بباب الإطلاق أوْ جارٍ في غيره أيضاً؟ ظاهر المحقق الأصفهاني هو الأول ، لكن التحقيق عند الأُستاذ جريانه في العمومات أيضاً ، من أجل إثبات ظهور العام في العموم متى ما شك في كون المتكلّم في مقام بيان تمام مراده الواقعي إذا قال : أكرم كلّ عالمٍ ، فإنه مع عدم القرينة يتمسّك به ويحكم بالعموم.