قال في الكفاية (١) : إنه قد عرفت أن المعتبر في هذا الباب : أنْ يكون كلّ واحد من الطبيعة المأمور بها والمنهي عنها مشتملةً على مناط الحكم مطلقاً حتى في حال الاجتماع.
فلو كان هناك ما دلّ على ذلك من إجماع أو غيره فلا إشكال ، ولو لم يكن إلاّ إطلاق دليلي الحكمين ففيه تفصيل ، وهو :
إن الإطلاق لو كان في بيان الحكم الاقتضائي ، لكان دليلاً على ثبوت المقتضي والمناط في مورد الاجتماع فيكون من هذا الباب. ولو كان بصدد الحكم الفعلي فلا إشكال في استكشاف ثبوت المقتضي في الحكمين على القول بالجواز ـ إلاّ إذا علم إجمالاً بكذب أحد الدليلين ، فيعامل معهما معاملة المتعارضين ـ وأمّا على القول بالامتناع ، فالإطلاقان متنافيان ، من غير دلالة على ثبوت المقتضي للحكمين في مورد الاجتماع أصلاً ....
وتوضيح كلامه : إنّ الكاشف عن وجود الملاك تارةً : هو دليل خارجي من إجماعٍ أو غيره ، واخرى : لا دليل إلاّ إطلاق دليل وجوب الصّلاة وحرمة الغصب ، فإنهما بإطلاقهما يشملان مورد الاجتماع ويكشفان عن وجود الملاك لهما فيه.
فإن كان الأول ، فلا إشكال في ثبوت الملاك ، وكون البحث من هذا الباب.
وإن كان الثاني ففيه تفصيل.
وقبل أن نبيّن ذلك ، نذكر رأي المحقق الخراساني في مراتب الحكم ، فإنّه يرى أن للحكم أربع مراتب :
الاولى : مرتبة المقتضي ، وهي مرتبة وجود الملاك للحكم ، وأنّ الحكم
__________________
(١) كفاية الاصول : ١٥٥.