بالاستثناء ، فقد يقال : أكرم العلماء واحترمهم وأحسن إليهم إلاّ الفسّاق ، فالموضوع واحد والمحمول متعدّد ، وقد يقال : أكرم العلماء والشيوخ والسادات إلاّ الفسّاق منهم ، فالموضوع متعدّد ، وقد يقال : أكرم العلماء وأحسن إلى السادات وأطعم الفقراء إلاّ الفساق منهم ، فكلاهما متعدّد.
ثم إنّ التعدّد بتعدّد الموضوع على نحوين ، فقد يذكر الموضوع في صدر الكلام ويكون التعدّد بالضمير العائد إليه ، كأن يقال : أكرم العلماء وأضفهم واحترمهم إلاّ الفساق منهم ، وقد يتكرر الموضوع نفسه مثل : أكرم العلماء وأضف العلماء واحترم العلماء إلاّ الفساق منهم. فإنْ كان من قبيل الأول ، فالاستثناء يتعلَّق بالكلّ ، لأنّ الموضوع هو المستثنى منه ، وقد جاء الاستثناء ليخصّصه والضمير ليس له مرجع سواه ، فينعقد ظهور الكلام في الكلّ. وإن كان من قبيل الثاني ، فإنّ الاستثناء من الجملة الأخيرة فقط.
أمّا إنْ كان الموضوع واحداً والحكم متعدّد ، فالاستثناء يرجع إلى الكلّ كالصّورة الاولى من الصورتين المذكورتين.
وأمّا إنْ تعدّد الموضوع والمحمول كلاهما ، فالاستثناء يرجع إلى الجملة الأخيرة فقط ، لأنه مقتضى تعدّدهما.
قال الأُستاذ : لا شك أن الملاك في ظهور الكلام هو قالبيّته العرفية للمعنى ، بأنْ يكون عند ما يلقى إلى العرف كاشفاً عن معناه عندهم بلا تردّد لديهم ، وعليه ، فهل يكون تكرّر الموضوع موجباً للظهور عندهم؟ هذا أوّل الكلام ، وعلى مدّعي انعقاد الظهور إقامة البرهان.
نعم ، الجملة الأخيرة هي القدر المتيقن في جميع الموارد ، وهذا لا كلام فيه.