هي نفس الطبيعة الملغاة عنها الخصوصيات ، فالفرد المأتي به ليس بخصوصه متعلّقاً للأمر ليتأكّد طلبه عند تعلّق الأمرين به ، وإنما يجوز الإتيان في مقام امتثال الأمر بالطبيعة ، لأنه مقتضى الترخيص في التطبيق المستفاد من الإطلاق.
والوجه الثاني هو للمحقق الخوئي ، فقد قال في الهامش : هذا ، مضافاً إلى أن الالتزام بتأكد الحكم في مورد الاجتماع يستلزم الالتزام بكون الحكم المجعول في مورد العامّين من وجه ثلاثة أحكام ، يكون واحد منها متأكداً والاثنان منها غير متأكدين ، مع أنه واضح البطلان.
وتوضيحه : إنه لما كانت النسبة العموم من وجهٍ ، فلا محالة يكون الحكم في كلٍّ من موردي الافتراق غير الحكم في الآخر ، فهنا حكمان. فإن قلنا بالحكم الواحد المؤكّد في مورد الاجتماع لزم الالتزام بحكمٍ ثالث ... لكنه واضح البطلان.
إذن ، لا يوجد حكم واحد مؤكّد ، بل هما حكمان ، لكن العقل يرى حصول الامتثال بالمجمع بين العنوانين.
وقد وافق الشيخ الأُستاذ في الدورتين صاحب (الكفاية) فيما ذهب إليه من تأكّد الحكم ، فالاستاذ وإنْ عبّر عن دليل الميرزا بأنّه في كمال المتانة ، لكنّه قال بأنّه خلط بين الكشف اللّمي العقلي والكشف اللفظي.
أمّا السيد الخوئي ، فإنّه ـ وإنْ ذكر ما تقدّم في هامش الأجود ـ لم يتعرّض له في (المحاضرات) (١) ، واكتفى بكلام الميرزا.
وقد أيّد الأُستاذ نظر (الكفاية) بما حاصله : إن الأحكام العقلية على ثلاثة أقسام:
__________________
(١) محاضرات في اصول الفقه ٤ / ٢٦٩.