على وجه العموم ، وهذه الحجة واحدة ولم يصدر عنه أيّ كلامٍ آخر ، ولا يجوز رفع اليد عن الحجة إلاّ بالمقدار المقطوع بخروجه ، وأمّا في المشكوك فيه فهو باق على حجيّته ....
(٢) جواز مؤاخذته على ترك إكرام من شك في عداوته من الجيران.
(٣) قيام السيرة العقلائية في أمثال المقام على التمسّك بالعام.
ثم أضاف رحمهالله : أن من الممكن أن يقال : بأنّ التمسّك بالعام مع المخصّص اللّبي يوجب ارتفاع الشك عن الفرد المشكوك فيه للخاص ، ولذا جاز لعن بني امية قاطبةً ـ مع احتمال أن يكون فيهم مؤمن ، والمؤمن لا يجوز لعنه ـ لأنّ هذا العام الوارد يدفع احتمال وجود المؤمن فيهم ، فلو اشتبه حال واحدٍ منهم من حيث الإيمان وعدمه حكم بعدم إيمانه بمقتضى العام.
وقد نوقشت النقاط المذكورة. أمّا الأولى : فبأنّه صحيح أنْ لم يرد خطاب آخر من المولى ، لكنَّ المهم هو قيام الحجّة ، فكما أنّ الصّادر منه حجّة كذلك الإجماع حجّة ـ كما هو المفروض ـ وحكم العقل حجّة ، والسّيرة العقلائيّة الممضاة حجّة. فما ذكره من أن العام حجّة واحدة ولم يصدر من المولى شيء آخر ، غير صحيح.
وأمّا الثانية : فدعوى صحة المؤاخذة أوّل الكلام ، بل بالعكس ، لأنّه قد انكشف بحكم العقل أو الإجماع كون العام مقيداً بغير العدوّ ، فلم تقم الحجّة على الفرد المردّد حتى يصحّ المؤاخذة على الترك ، لأن صحّة المؤاخذة فرع قيام الحجّة ، كما هو واضح.
وأمّا الثالثة فكذلك ... بل الصّحيح أنّ السّيرة العقلائيّة قائمة على التوقّف في مثل المقام.