ثم ذكر تحت عنوان «والتحقيق» (١) وجهاً عقليّاً ، وملخّص كلامه هو :
إنّ لكلّ من القضيتين بعثاً نحو الجزاء وليس لها أيّ اقتضاء بالنسبة إلى القضيّة الاخرى لا نفياً ولا إثباتاً ، فهي لها اقتضاؤها في نفسها ، وأمّا بالنسبة إلى غيرها فهي بلا اقتضاء ... وأي تنافٍ بين الاقتضاء واللااقتضاء؟ وحينئذٍ ، يبطل صرف الوجود في طرف الجزاء ....
فقال الأُستاذ : إن الكلام في وقوع البعث بعد البعث ، فإنّ الأوّل يقتضي انبعاثاً وإيجاداً للجزاء فكذلك الثاني ، وعلى هذا ، كيف يكون البعث متعدداً والمنبعث إليه واحداً؟ فهل يبقى على ظاهره في التأسيس أو يحمل على التأكيد؟
وقال الشيخ الأُستاذ لحلّ المشكلة : بأنّه متى كان الظهوران تنجيزيّين فالتعارض واقع بلا كلام ، وأمّا في حال كون أحدهما تعليقيّاً فلا تعارض ولا مشكلة.
أمّا الكبرى فواضحة ، وأمثلتها كثيرة. مثلاً قاعدة قبح العقاب بلا بيان معلّقة على عدم البيان ، بخلاف حديث الرفع فإنه منجّز ، لذا يكون دليل الاحتياط مقدّماً على القاعدة لكونه بياناً ، أمّا حديث الرفع فلا يتقدّم عليه دليل الاحتياط.
وما نحن فيه من صغريات الكبرى ، فإنّ الشرطين ظاهران في الحدوث عند الحدوث ، لكنّ الجزاء ظاهر في وحدة المتعلّق وصرف الوجود ... فيقع التنافي بين الشرط والجزاء ، لأن الشرطين يستدعيان الانبعاثين ، والجزاء لا يستدعي الأكثر من الواحد ... إلاّ أن ظهورهما وضعي وظهور الجزاء إطلاقي ، وبناءً على تقدم الوضعي على الإطلاقي ـ لكون عدم البيان من مقدمات الإطلاق ،
__________________
(١) نهاية الدراية ٢ / ٤٣٤.