العلم الإجمالي هناك ـ وهو شك بدوي ، أمّا العام فشامل له ظهوراً وحجيةً ، فكان الواجب إكرام مرتكب الصغيرة تمسّكاً بالعام.
وإنْ قلنا : إن شمول العام بالوضع ، فالمخصص المجمل المردّد بين الأقل والأكثر غير مزاحم لظهور دلالته الوضعيّة ... كما هو واضح.
وهذا هو الوجه الأول للتمسّك بالعام في هذه الصّورة.
الوجه الثاني : لا ريب أن الأصل اللّفظي أقوى من الأصل العملي ـ لأنّ اللّفظ يكشف عن المراد الجدّي وهو حجة على الواقع ، وليس للأصل العملي جهة الكشف بل هو معذّر ومنجّز فحسب ، وأيضاً ، فإنْ الأصل العملي قد أخذ في موضوعه الشكّ ، بخلاف الأصل اللّفظي فإنه يرفض الشك ويرفعه ـ ولا ريب أيضاً في جريان الأصل العملي وهو الاستصحاب في مرتكب الصغيرة عند تردّد المخصّص بين الأقل والأكثر ، فيكون الأصل اللّفظي جارياً فيه بالأولويّة لما تقدم.
هذا ، وقد أورد على الوجه الأول : قولكم : المخصّص مجمل لا يقبل المزاحمة مع العام. نقول : المزاحمة حاصلة ، لأن الخاص وإنْ لم يزاحم العام في الدلالة الاستعمالية إلاّ أنه يقيّد المراد الجدّي منه ، لأنه ليس بمهملٍ ولا مطلق ، وإذا تقيّد العام بغير الفاسق ـ بأي معنىً كان الفاسق ـ احتمل أن يكون مرتكب الصغيرة أيضاً فاسقاً ، فكان انطباق الخاصّ والعام كليهما عليه على حدٍّ سواء ، وهذا هو الإجمال.
وأتقن ما اجيب به عنه هو ما ذكره الميرزا من : أنّ العام قد تقيّد وتعنون بغير الفاسق ، فإنْ كان المراد تقيّده بمفهوم «غير الفاسق» بما هو مفهوم فالإشكال وارد ، لكون مفهوم الفاسق مجملاً ، لكنّ العام تقيّد بمفهوم غير الفاسق بما هو فانٍ