بلا مرجّح ، لكنّ الحال ليس كذلك ، بل المراد منها هو أقربها إلى المعنى الحقيقي ، فالواجب إكرام من عدا الفسّاق من العلماء.
فأجاب في (الكفاية) (١) : بما توضيحه : إن المدار في الخروج عن الإجمال هو ظهور اللفظ وقالبيّته للمعنى ، وذلك يتحقّق بأقربيّة المعنى المجازي إلى الحقيقي بحسب زيادة أنس المعنى باللّفظ ، كما في قضية استعمال الأسد في الرجل الشجاع ، لا بحسب المقدار. وعلى هذا ، فإنّ الإجمال فيما نحن فيه باقٍ ، فما ذكره الميرزا القمي غير مجدٍ.
وذكر الشّيخ قدسسره وجهاً آخر (٢) ، وأوضحه الميرزا النائيني (٣) فقال : بأنّ تحقق المجازيّة للكلام يكون تارةً : بإدخال معنىً تحت اللّفظ ، واخرى : بإخراج بعض المعنى من تحته. والفرق هو أنّه في الصورة الاولى : يكون للّفظ معنىً آخر غير المعنى الأوّل. فهما معنيان متباينان ، أمّا في الثانية : فالمعنى محفوظ غير أنه قد أخرج منه بعضه ، فكانت النسبة نسبة الأقل والأكثر.
وما نحن فيه من قبيل الثاني ، فإذا قال أكرم كلّ عالمٍ ، دلّ بالمطابقة على وجوب إكرام الكلّ ، وكان المدلول وجوب إكرام كلّ واحدٍ واحدٍ من العلماء ، وإكرام كلّ واحدٍ حكم مستقل عن غيره. فلما جاء : لا تكرم الفسّاق منهم ، وأخرج هذه الحصّة من العلماء من تحت العام ، سقطت دلالته عليها ، لكن دلالته على غيرها من الحصص فباقية ، وقد تقدّم أن كلّ دلالة فهي مستقلّة عن غيرها ، وسقوط بعضها لا يؤثّر شيئاً على البعض الآخر ... فكان دلالته على الباقي على
__________________
(١) كفاية الاصول : ٢١٩.
(٢) مطارح الأنظار : ١٩٢.
(٣) أجود التقريرات ٢ / ٣٠٣.