وهذا البيان قد استجوده تلميذه في (المحاضرات) (١) ، وللنظر في المطلب الثاني مجال.
لقد ذكر أنّ المتعلّق هو طبيعة الوضوء ، لأن مفاد الهيئة طلب الإيجاد والمادّة هو الطبيعة ، فلا دالّ على صرف الوجود ، فنقول :
أولاً : لقد نقل عنه تلميذه المحقق أنْ المتعلّق هو إيجاد الطبيعة بمعنى نقض العدم المطلق ، وعليه ، فإن العدم المطلق يستحيل نقضه مرّتين بل يحصل بأول وجود ، وهو لا يقبل التعدّد.
وثانياً : إن الطلب المتعلّق بوجود الطبيعة يستحيل أن يكون مهملاً ، وعليه فلا بدّ من أن تكون الطبيعة لا بشرط بالنسبة إلى الوحدة والتعدّد ، لأنّها بشرط الوحدة صرف الوجود ، وكونها بشرط التعدّد باطل ـ إذْ لا يقال بتعدّد الوضوء ـ وإذا كان لا بشرط بالنسبة إليها ، فالمكلّف إنْ أتى بوضوءٍ واحدٍ لعدة أسباب فقد أتى بمصداق الواجب ، وإنْ أتى بوضوءات متعددة بعدد الأسباب ، كان كلٌّ منها واجباً ، وهذا خلاف الضرورة الفقهيّة.
وذهب المحقق العراقي إلى وجهٍ آخر للقول بعدم التداخل (٢) ، وحاصله : إنّ كلّ قضيّةٍ من القضيتين ظاهرة في الاستقلال ، فهنا ظهوران متمانعان. ولكنْ في طرف الجزاء ظهور واحد في صرف الوجود وهو معارض لظهور الشرطين ، فإنْ رفعنا اليد عن ظهور الشرطين في الاستقلال وقلنا بوجوب الوضوء مرةً ، لزم رفع
__________________
(١) محاضرات في اصول الفقه ٤ / ٢٦٣.
(٢) نهاية الأفكار (١ ـ ٢) ٤٨٦.