وأمّا القول بالاستحباب على وجه الحزن ، فقد ذهب إليه صاحب (الجواهر) (١) تبعاً للشيخ وابن إدريس والمحقق ، جمعاً بين النصوص.
لكنّ هذا الوجه لا يصلح للجمع بل هو تبرّعي ... فالتعارض مستقر.
ومقتضى القاعدة حمل الأخبار الآمرة بالصّوم على التقيّة ، لكونها موافقةً لنصوص العامّة وفتاواهم ، كما لا يخفى على من يراجع (سنن الترمذي) و (المغني لابن قدامة) (٢) وتبقى الناهية بلا معارض. ودعوى الإجماع على الاستحباب ـ إن تمّت ـ لا تضرّ ، لكونه مدركيّاً ، فالأحوط وجوباً ترك صوم يوم عاشوراء.
وأمّا القسم الثاني من العبادات المكروهة كالصّلاة في الحمام :
فقد أجاب في (الكفاية) (٣) بوجهين :
الأول : إن وجه النهي فيه يمكن أنْ يكون ما ذكر في القسم الأول طابق النعل بالنعل.
وحاصل ذلك : أن من النهي عن الصّلاة في الحمام مع الأمر بها ، يستكشف انطباق عنوانٍ على ترك الصّلاة في الحمام أو ملازمة لتركها فيه يجعله ـ أي الترك ـ أرجح من الفعل.
الثاني : إنّ الأمر بالصّلاة دالٌّ على الوجوب ، والنهي عن الصّلاة في الحمام تنزيهي لا تحريمي ، ولمّا كان الأمر بها ملازماً للترخيص العقلي في تطبيق الصّلاة
__________________
(١) جواهر الكلام ١٧ / ١٠٥.
(٢) المغني في الفقه الحنبلي ٣ / ١٣٣.
(٣) كفاية الاصول : ١٦٤.