في الدار المغصوبة ، فكان تقييد الأمر بها بغير هذا المورد مدلولاً التزاميّاً لهذه الحرمة ، والدلالة الالتزامية معلولة للمطابقية ، فإذا سقطت سقطت الالتزامية.
والحاصل : إنّه وإنْ لم تكن طوليّة بين المدلولين ـ أي الحرمة والتقييد ـ لكنّها بين الدالّين موجودة ، فإذا سقط دليل حرمة الغصب بسبب الاضطرار ، انتفت الدلالة على التقييد ، وبقي دليل الوجوب شاملاً للمورد بإطلاقه ، ويتم رأي المشهور.
وقد دفع الأُستاذ هذا الإشكال : بأنّه مبني على تبعيّة الدلالة الالتزامية للمطابقية في الحجيّة ـ كما هو الصحيح ـ لكنّ الميرزا غير قائل بذلك ... إذن ، لا بدّ من نقد كلامه من طريقٍ آخر فنقول :
إن حاصل كلامه في الدورة الثانية كون النهي علّةً للحرمة ولتقييد الأمر معاً ، وحينئذٍ يرد عليه : بأنْ لا بقاء للنهي في حال الاضطرار ، وإذا ارتفع انتفى التقييد ، لفرض كونه معلولاً للنهي ، فيثبت رأي المشهور.
ولكنّ المهمّ هو كلامه في الدورة الاولى (١) إذ قال بأنّ العلّة للنهي والتقييد هي الملاك ، ومن الواضح أنّ الاضطرار يرفع النهي ، أمّا الملاك فلا ، لأنه لا يغيّر المصالح والمفاسد ، وإذا كان الملاك باقياً بقي التقييد وإنْ انتفت الحرمة بالاضطرار.
ويردّه : إنّ الكاشف عن التقييد لا بدّ وأنْ يكون الملاك البالغ إلى حدّ الغرضية للمولى حتّى يؤثّر في الحرمة والتقييد ، وأمّا صرف وجود الملاك فلا يترتب عليه ذلك الأثر ، وعلى هذا ، ففي صورة الاضطرار ـ حيث تكون
__________________
(١) فوائد الاصول (١ ـ ٢) ٤٤٥.