في الفعل أو في الترك كان الفعل أو الترك واجباً ، ومثل الصّوم تكون المصلحة في نفس التّرك فيكون واجباً (١).
أقول :
إن موضوع البحث هو مفاد النهي ، وما ذهب إليه صاحب (الكفاية) هو دلالة النهي على طلب الترك ، وقد عرفت ما فيه. وأمّا ما ذهب إليه السيّد الأُستاذ من أنّ النهي كما يمكن أن ينشأ بمدلوله المطابقي وهو طلب الترك ، كذلك يمكن أنْ ينشأ بمدلوله الالتزامي وهو الانزجار عن الفعل ، فإنه لازم إرادة ترك العمل ، ففيه : إنّ الانزجار عن الفعل حالة تحدث للمكلَّف عند إرادته ترك العمل امتثالاً للنهي كما ذكر ، لا أنّه مدلولٌ للنهي ، فكون الشيء مدلولاً للنهي ـ كما هو موضوع البحث ـ أمرٌ ، وكونه ملازماً للمدلول ـ كما نصّ عليه في موضعٍ آخر (٢) ـ أمر آخر ، بل إنّ التعبير بالانزجار يناسب ما ذهب إليه الجماعة ـ وتبعهم شيخنا الأُستاذ ـ من أن المدلول هو الزّجر ، للتضايف بينهما كما لا يخفى.
فما أفاده ، إمّا يرجع إلى ما ذكروه وإما هو خلط بين المعنى ولازمه ، كما تقدَّم في الإشكال على (المحاضرات) لو تمّ رأي صاحب (الكفاية).
إنَّ الأمر يقتضي الإتيان بصرف وجود الطبيعة ، فلو أمر بالصّلاة حصل الامتثال بصرف وجودها من قبل المكلّف ، بخلاف النهي ، فإنه يقتضي الانزجار عن جميع أفراد الطبيعة. فما هو المنشأ لهذا الفرق؟
__________________
(١) منتقى الاصول ٣ / ٦ ـ ٧.
(٢) منتقى الاصول ٣ / ١١.